كنت أظن أن الإلتباس الذهني حصرا على الذهنية العربية إلى أن قرأت أن توكل كرمان إختيرت وتم تعيينها ضمن مجلس الحكماء للموقع العالمي فيسبوك ؟
لا أحد يستطيع الإنكار بأن الفيسبوك أزال كل الحدود الجغرافية. وإستطاع تعزيز قيمة الحق في حرية التعبير. وفضح الإنتهاكات الحكومية للحقوق في كل أرجاء الأرض.. الصوت الشعبي الذي إستطاع توصيل صوته ليحكي قصص الحرمان من الحقوق الإنسانية في بلده. وإن إستُغلت هذه الحرية أحيانا في أمور لا ترتبط بقيم أخلاقية ولا إنسانية في بعض الممارسات اللا أخلاقية.. ولكن وبالتأكيد فيسبوك نجح في هدم جدار الخوف من الآخر التي ساهمت الأديان في وضعها ؟؟ وأنسنة شعوب العالم بحيث قفزت الحقوق العالمية على التشريعات الدينية في الكثير من دول هذا العالم..
لا أستطيع أن أُقيّم تحديدا فيما إذا كانت خدمة الفيس بوك أُنشأت أصلآ للترويج للقيم الإنسانية العالمية .. ولكني أجزم بأن خدمة أي حكومات لم تكن ضمن اهدافها.. حين إخترق طموحها كل الحدود الجغرافية .. ولكنها تبقى مؤسسة ربحية يبقى الربح هو المحرك الأساسي لها كما هو لكل الشركات..
فيسبوك وبعد تعرضه للإنتقادات الحادة مؤخرا.. بدأ من الفيلم الوثائقي ""كامبردج أنالتيكا""..الذي كشف عن بيع الشركة لمعلومات عن عملاء بحيث يسهُل توجيهم من قبل شركات إعلانية لتحقيق مصالح معينه.. كما فعلوا في توجيه حملة الإنتخابات الأمريكية لصالح المرشح الذي يدفع الثمن الأكبر لإعلاناته التي تعمل على تلميع صورة المُرشّح لتساهم في توجية الناخب ... فما الذي يمنعها من عمل نفس الشيء لصالح الجهة التي تتبنى أفكارها السيدة كرمان؟؟
شركة الفيسبوك التي أعلنت أنها مجرد منصة.. بلا سلطات رقابية على المشتركين قد تكون شعرت بمسئوليتها المجتمعية وقد تكون عملت على التملص من المسئولية لخوفها من ظهور فضيحة أخرى.. وللخروج من هذا المأزق قامت بإنشاء مجلس الحكماء لأنها ستستطيع إلقاء المسئولية على هذا المجلس؟ ولكن إختيارها للسيدة توكل كرمان يؤكد الإلتباس في ذهنية مؤسسها..
كنت أتمنى كإمرأة أن أستطيع الإفتخار بوصولها لهذا المنصب. كنت أتمنى تهنئتها. ولكن خوفي من أفكارها ومن تبنيها للفكر الإخواني يُحتمان عليّ الموضوعية. ولأني تبنيت الهوية الإنسانية التي لا يؤمن بها الإخوان ولا السيدة كرمان؟؟ هويتي الإنسانية التي ترفض العنف بكل أشكاله والإغتيال لأي سبب والفوضى الفكرية التي ساهم بها الفكر الإخواني ..
الفيسبوك أكد في ميثاقه على أمله في ترسيخ قيم "" الصوت الحر والأمان والإنصاف والكرامة والمساواة والخصوصية"" ..كلها قيم الدول الغربية التي تتبنى النظام الليبرالي – الديمقراطي وتغرسها في أطفالها من خلال منهاج تعليمي يقوم على التنوير والحريات والنقد بدون خوف .. وتقبل الإختلاف بكل أشكالة والتعددية .. بحيث تبني البُنية التحتية للحقوق ولقيم الديمقراطية.. وإعلاء القانون. ومساواة الجميع أمام القانون ؟؟؟
السؤال هنا هل تتبنى السيدة كرمان هذه القيم؟؟؟ وهل تتقبل بنظام قضائي يكفل لجميع مواطنية المساواة والعدل ؟؟؟ هل تتقبل بوصول المسيحي لرئاسة الدولة نظرا لكفائته برغم أن المسلمين هم الأغلبية؟ هل تُندد بجريمة إغتيال المفكر المصري الدكتور فرج فودة الذي كفّره الإخوان بحيث أحلوا دمه وفتحوا الباب لأي جاهل لقتله؟؟ فهل ستستطيع ان تكون ضمير مجتمعات عربية حُرمت من كل أشكال الحريات من خلال الخطاب الديني المتشدد الذي يتبناه الإخوان؟؟؟
هل تعيين كرمان يأتي لصالح القيم الإنسانية العالمية.. أم لصالح أمل وهدف الإخوان في الوصول للحكم ؟؟؟؟ وفي أسلمة المجتمعات التي فتحت لها أبوابها؟؟ هل ستعمل على تعزيز القيم الإنسانية العالمية التي بدأها فيسبوك بحرية التعبير أم ستعمل على الترويج للخطاب الإخواني المستند إلى كتم الحريات بنص ""قال الله وقال الرسول "" والتي وكثيرا ما تتعارض مع الصفات الإلهية. وصفات النبوة؟؟
هل ستُدافع عن حقوق المرأة التي عبرت إنتهاكاتها الحدود الجغرافية بين الدول الغربية والعربية. حين إستُغلت الحرية الدينية في المجتمعات الغربية وأسست لمجالس.. تحكم حسب المنظومات الفقهية بررت جميع أشكال الإنتهاكات لحقوقها بدأ من سلطة ولي الأمر .. وليس إنتهاء بعدم المساواة في الميراث ..و..و ... و ؟؟؟
هل نددت السيدة كرمان بأعمال العنف التي قام بها مُتبني الفكر المتطرف من هدم الكنائس وسحل البهائي وقتل المفكر.. نتيجة الخطاب الإخواني الذي ما فتأ يؤكد بأن المسيحيين كفار وكل من لا يعتنق الإسلام لن يدخل الجنة ؟؟؟ و... و.. وجميعها تنتهك بالروح مفاهيم حقوق الإنسان كما نعرفها اليوم؟؟؟
مواقفها السلبية من ناشطات في المجتمع المدني .. لمجرد مخالفتهن لآرائها يؤكد تسلطها وعدم مصداقيتها .. إضافة لدعمها الواضح للإخوان سواء في مصر أم في تركيا؟
لقد إستبقت السيدة كرمان إمكانية سحب جائزة نوبل العالمية للسلام بعد سفر وفد من منظمات العمل المدني لأوروبا لكشف آرائها.. وتبرعت بقيمة الجائزة لصندوق شهداء الثورة اليمنية ...
وعليه فإن التحرك الحكومي يجب أن يكون متوافقا مع تحرك منظمات العمل المدني العاملة مع المرأة لتمكينها وإحداث التغيير المجتمعي الضروري لخلق ثقافة سلام مجتمعي وسلام عالمي من جميع الدول العربية.. له الأولوية القصوى.. خاصة وبعد تصنيف حركة الإخوان كحركة تتبني الفكر الإرهابي.. ضرورته في هذه المرحلة لوقف مهزلة الإلتباس في الذهنية الغربية.. في عدم فهم أهداف الحركات الدينية المتشددة بأنها لا تخدم الإنسان العربي في الدول العربية وأن أهدافها بعيدة المدى في الدول الغربية ولا تتوافق مع السلم العالمي الذي نسعى إليه جميعا. وهو موقف السيدة كرمان؟