منذ أكثر من عام، اكتشفت قوى الصراع في العراق وسوريا سلاحاً جديداً أكثر فعالية وخطورة، ولا يؤدي إلى القتل البيولوجي للإنسان، بل يبقيه حياً أمام خيارين أحدهما مؤكد وهو الافقار والإذلال، وثانيهما الإرهاب الذي يؤدي إلى التهجير والترحيل وترك المنطقة لتلك القوى صاحبة براءة اختراع هذا السلاح المستجد، مثل شقيقه (كوفيد19) الذي بدا بالانتشار بشكلٍّ غامض، وقد أدخل السلاح الجديد في الخدمة والتطبيق الفعلي السنة الماضية، وكانت ساحته التجريبية في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كوردستان وخاصة في سنجار وكركوك وسهل نينوى ومخمور وديالى وصلاح الدين، وحقق نجاحاً كبيراً في إدخال الرّعب بين مواطني تلك المناطق، بل ومنع مئات الآلاف منهم من العودة إلى بلداتهم وقراهم التي رحلهم منها في البداية نظام صدام حسين ليكمل خارطته من المحيط إلى الخليج تحت ظلال رسالته الخالدة، وحينما أسقطته أمريكا رجعوا إلى بيوتهم وبساتينهم في تلك المناطق، وما لبثوا إن أعادوا لها حركة الحياة التي لم تستمر طويلاً حيث فقست بيوض ذلك النظام الفاشي لتخرج (صواصي) داعش بلحى الحملة الوطنية الإيمانية سيئة الصيت، ولتستكمل البرنامج المعروف بالتغيير الديموغرافي والتعريب، مضافاً اليها هذه المرة فكرة الأسلمة ووسائلها في الذبح والسبي والاستعباد كما شهدناها حينما استباحوا الموصل وسنجار وتلعفر وسهل نينوى، وأنفلوا مئات الآلاف من الإيزيدية الذين يعيشون اليوم في مخيمات النازحين منذ 2014 ولحد الآن.

السلاح الجديد تمّ تطويره ليشمل المختلفين عرقياً ودينياً ومذهبياً في مناطق سيطرت عليها قوّات الحشد الشعبي، التي تمّ تأسيسها بفتوى من مرجعية الشيعة العليا في العراق لغرض مكافحة داعش ودرء خطرها عن كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، لكنها هي الأخرى طوّرت نفسها فأصبحت بديلاً للمؤسسة العسكرية، واتسعت مهامها فامتدت إلى مناطق ساخنة حول كوردستان، وفي داخل سوريا لحماية المزارات الشيعية كما أعلنت العديد من فصائلها هناك، المهم هناك أصابع اتهام مباشرة للعديد من التشكيلات ومنها داعش ومن والاها من المستفيدين في سياسة التعريب آنفة الذكر، وأيضاً عناصر أولئك الذين استخدمتهم السلطات كأدوات لتغيير هويات البلدات والمدن والقرى في تخوم كوردستان الجنوبية والغربية والشرقية، أي في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، وبغياب قوّات البيشمركة أصبحت هذه المناطق مرتعاً لتلك العناصر والتنظيمات الإرهابية والميليشياوية التي تسببت في عدم عودة النازحين من أهاليها إلى بيوتهم وممتلكاتهم التي استبيحت من قبل تلك العناصر والمجموعات.

لقد استخدم السلاح الجديد بشكل واسع هذه السنة حيث امتد إلى محافظات عراقية أخرى وصلت إلى البصرة وأطراف بغداد، مما يؤكد أن نهجاً جديداً لتلك القوى المستخدمة لهذا السلاح وإن تعددت الجهات التي تستخدمه، أساسه في الأصل عنصري شوفيني تمّ تطويره وتطعيمه بنكهات مذهبية ودينية على شاكلة الحملة الإيمانية أيام النظام السابق، خاصةً إذا ما عرفنا أن أوساط في الحكومة الاتحادية ماتزال مصرّة على عدم دفع أثمان الحنطة والشعير التي سلمها الفلاحون الكوردستانيون منذ عدة سنوات، والتي أدّت إلى انحسار زراعة تلك الحبوب، ويبدو أن هدفاً مشتركاً وواضحاً في استخدام سلاح الأرزاق من البقع الجغرافية التي يحرق حصادها ويحال الى رماد يذكرنا بمقولة صدام حسين حينما قال سأتركه لكم حفنة تراب!؟.

[email protected]