منذ البدايات واضح ومعروف أن ليبيا ستتحول إلى جرحٍ ملتهب في الخاصرة العربية الإفريقية بإختراع حكومة الوفاق التي نُصّب رئيسا لها فايز السراج الذي هو أكثر "عثمانية" من رجب طيب أردوغان وكان غطاءً لكل هذا التدخل التركي الذي لا تتوقف أهدافه على مجرد إحتلال هذا البلد العربي، إن براً وإن بحراً إنما لتسرٌّب "عثماني" في اتجاه تونس وأبعد منها وصولاً إلى الجزائر التي كانت قد قدمت من أجل استقلالها أكثر من مليون ونصف المليون شهيد.

إنّ ما يريده أردوغان بالإضافة إلى الغاز والنفط ووضع أقدامه في أهم جزء من البحر الأبيض المتوسط هو حصار مصر التي كانت قد تخلّصت من الاخوان المسلمين واستعادت مكانتها الوطنية والقومية، ويقينا أن الرئيس التركي الذي اصبح "المرشد الأعلى" لهذا التنظيم الذي وضع يده في يد إيران بات لا يحلم وفقط بل ويحقق خطوات فعليّة بالنسبة إلى ما يريد الوصول إليه.

وهنا فإنّ ما يثير بعض التساؤلات الضرورية هو: ما دام أن أهبداف أردوغان التي هي أهداف الإخوان المسلمين وأبعد منها أيضا فلماذا ياترى ترك الجنرال حفتر أمام كل هذه التحديات، التي تشكل إيران رقما أساسيا في معادلتها العسكرية والسياسية والأمنية ومعها "الشقيقة" قطر كممول رئيسي، وحده.. ما دام أن مصر هي المستهدفة الأولى وما دام أنه واضح ومعروف أن تحقيق الانتصار في ليبيا سيتبعه انتصارات كثيرة في تونس الخضراء طالما راشد الغنوشي يشكل أحد "الأعمدة الإخوانية" وهذا واضح ومعلن ومعروف لكل الذين تهمهم هذه القضية.

وبالطبع فإنّ الاختراقات الخطيرة التي حققتها إيران إن في العراق وإن في سوريا وإن في لبنان والأخطر وإن في اليمن قد شجّعت أردوغان، المتحالف تلقائيا مع دولة الولي الفقيه، طالما أنه ارتدى العباءة "الإخوانية" وأصبح "مرشدا أعلى للإخوان المسلمين"، على إختراق أفريقيا العربية وعلى هذا النحو وحتى أن راشد الغنوشي بات ينتظر وعلى أحرِّ من الجمر وصول المدّ "الإخواني" إلى تونس الخضراء.. وحقيقة إلى ما وراءها.

ولعل ما هو واضح وبخاصة للدول المستهدفة أنّ "الإخوان المسلمين" إنْ هم "أخذوا" ليبيا وتجاوزوها نحو تونس فإنهم سيحققون ما هو أكثر من موطيء قدم في سيناء، وطالما أن حركة "حماس" قد حوّلت قطاع غزة المفتوح على قناة السويس، وبالطبع على سيناء إلى قاعدة "إخوانية" ومع الأخذ بعين الإعتبار أن إسرائيل "يثلج" صدرها أنْ يحقق التنظيم "الإخواني" كل هذه الإنجازات طالما أنه ومعه إيران متفاهم مع الإسرائيليين على هدنة طويلة وأكبر دليل على هذا هو ما يجري في سوريا وفي دول عربية أخرى!