تخلد الشعوب ذكرى ثوارها و تعترف لهم بالمجد. فصناع الثورة هم من يكتبون التاريخ و السعوديون إذ يحتفلون هذه الأيام بالذكرى الثالثة للبيعة لولي العهد محمد بن سلمان إنما يتذكرون حقيقة ملامح الثورة الوطنية التي قادها ضد الفساد و المحسوبية و النفاق في الداخل و ضد الاستنزاف و التآمر و الغدر و الإرهاب في الخارج.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ثائر من القصر الملكي العريق، كان مقدرا له الكفاح في مرحلة امتلأت بالتناقضات و التحديات، فلم يكتف بالاستحقاق الملكي التقليدي بل اختار الوقوف جنبا إلى جنب مع أبناء شعبه فحمل همومهم و قارب تطلعاتهم.

محمد بن سلمان مدرسة سياسية متفردة، يمكننا ان نقرأ ملامحها في ظهوره الإعلامي الذكي و لغته التي تشبه ومضات الضوء على خارطة الطريق و مواقفه الحاسمة، واللافت مع كل هذا شعبيته الكبيرة بين مواطنيه الذين يلمسون في شخصه الإخلاص و الشجاعة و يشعرون بأنه يشبههم في كل شيء.

مما قال عن مشروع نيوم ( هذا مشروع للحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد في هذا العالم ).. هل يمكن للسعوديين ان ينسوا هذا النداء!.!
إنها عبارة ألهمت أرواح الشباب و دشنت عصرا تسارعت إنجازاته و تبلورت في شكل قوانين و أنظمة ومشاريع طموحة، و قدمت فرص المشاركة الفاعلة للجميع، كما أغلقت ملفات ظلت تشكل تحديات في البنية الاجتماعية و الاقتصادية لسنوات و لعل من أهمها ما يتعلق بالمرأة و القانون و المجتمع.

قال عن التطرف الديني ( لن نضيع مزيدا من الوقت في التعامل مع أفكار متطرفة، و سوف نعود للإسلام الوسطي ) هذه عبارة أخرى غيرت مجرى الاحداث في السعودية و وضعت عن الناس أغلالا فكرية لازمتهم على مدى عقود.

إن ثورة محمد بن سلمان تستحق ان تدرس كأعظم حشد سلمي وحدوي وطني في التاريخ المعاصر ، هي ثورة قادها الأمير على الطريقة الشعبية الكلاسيكية التي يطمئن لها السعوديون و التي تعتمد أساسا على الثقة التي تراكمت بين الشعب و القيادة منذ عهد الملك المؤسس و اختبرتها الأحداث عبر التاريخ حتى تحولت إلى عقيدة ولاء راسخة.

و من ناحية أخرى فالامير كان واقعيا جدا فركز على قدرات الشعب و امكانياته و انطلق من النظام الاجتماعي و الفكري السائد و قد ظهر الأثر جليا في تنفيذ الوعود، و تصديق الأقوال بالأفعال، و العمل على تفاصيل حياة الناس و مايلامس مصالحهم بشكل مباشر. كما ظهر هذا في محاربته للفساد و صراحته في مخاطبة الشعب حول رؤيته النهضوية الكبرى و نأيه بنفسه عن أمواج التيارات الفكرية المتلاطمة. فانتهى بذلك عصر المزايدات و صار الوطن مظلة للجميع و أصبحت الكلمة الفصل للقانون و النظام.

و طالت ثورة الإصلاح السياسة الخارجية فأصبح للسعوديين صوتا عاليا و مواقف واضحة و قوية في وجه قوى الشر و الغدر و العمالة، فجاءت عاصفة الحزم تحت قيادته لتكون أرض ميعاد لمواجهة العدوان الإيراني الغاشم على أوطان العرب و لوقف أطماعهم التوسعية. ثم تبعتها المقاطعة المباركة للنظام القطري و التي كان من نتائجها السريعة انكفاء الدواعش و تجفيف منابع الإرهاب و سقوط ورقة التوت عن الإسلام السياسي و تغير المزاج العربي بشكل عام تجاه نفاق الحزبيين و دجل المرتزقة.

و في الوقت نفسه حرص الزعيم المثقف محمد بن سلمان على العناية بالإسلام و تقديمه للعالم كقيمة إنسانية تدفع باتجاه التعايش و الشراكة الإنسانية و عمل في أكثر من مناسبة على إيجاد مساحة سلام و تفاهم بين الأديان.

الذكرى الثالثة لولاية العهد مناسبة غالية على قلوب السعوديين و تحل هذا العام خلال أزمة كورونا التي تعصف بالعالم ليرى السعوديون آداء حكوميا عاليا في مواجهة الأزمة يقوده و يشرف عليه مباشرة ولي العهد الذي يوجه بتقديم الرعاية و الخدمة للمواطنين و المقيمين على حد سواء في مرحلة مشرفة شعارها سوف نحمي الحياة على أرضنا ماستطعنا إلى ذلك سبيلا.