لا أظنُّ وفقط بل أعتقد جازماً أنّ منْ يعتبرهم البعض من "الشباب" السعوديين "معارضين" هم يرفضون رفضاً قاطعاً ويؤكدون بالأدلة القاطعة أنهم أصحاب وجهات نظر، قد تختلف مع وجهات نظر غيرهم، لكن هدفها هو الحرص على الدولة، والمقصود هنا هو "المملكة العربية السعودية"، وأنهم إذا جدّ الجد وتعرضت "دولتهم" إلى أي تحديات داخلية أو خارجية قد تمس بمكانتها وقد تستهدف دورها الطليعي عربياًّ وإسلامياً ودولياًّ فإنهم كلهم "يتراصّون" في خنادق الدفاع عنها وحتى وإن لزم الأمر التضحية بأرواحهم.

الآن، في هذا العهد، أخذت المملكة العربية السعودية دورها القيادي ليس عربياً وفقط بل في هذه المنطقة كلها، وهذا جعلها مستهدفة من قبل المناوئين وفي مقدمتهم إيران، وإلّا ما معنى أن يكون هناك هذا التمدّد كله إنْ في بلاد الرافدين العربية وإن في قلب العروبة النابض سوريا وإن في بلاد الأرز وأيضاً إنْ في اليمن الذي كان سعيداً قبل أن يبتلى بظاهرة الإنقلابات العسكرية وبهؤلاء "الحوثيّين" الذين ليسوا أكثر من جهاز إستخباري تابع لـ "حرس الثورة الإيرانية" إنْ في عهد قاسم سليماني وإنْ في هذا العهد .. الذي إختلط فيه الحابل بالنابل.

والمقصود هنا بكل هذا "الكلام" هو أنه عندما تكون المملكة العربية السعودية مستهدفة بمكانتها ودورها القيادي وأيضاً بتماسكها ووحدتها فإنّ المفترض أنْ يقفز من يعتبرهم البعض "معارضون"، وهم في حقيقة الأمر غير ذلك، إلى خنادق الدفاع قبل غيرهم، وحقيقةً أنّ هذا كان جرى مرات متعددة إنْ في البدايات عندما قامت هذه الدولة بحد سيف الباني الأول رحمه الله ولاحقاً عندما تعرضت لتهديدات بعض الأنظمة العربية التي ثبت أنّ كل تقديراتها كانت خاطئة وأنّ كل تطلعاتها كانت مصابة بعمى الألوان الذي كاد أن يوصل دولها إلى الإنهيار.

وإنني أجزم، وقد كان عليّ أن أتطرق إلى هذه المسألة ويمكن أنّ ما أعتقده هو عين الصواب وأنّ هذا هو ما يعتقده "الشباب" الذين يوصفون بأنهم "معارضون" وهم غير ذلك، بأنهم مع كل هذا "الإقتراب السعودي" من العراق في هذه اللحظة التاريخية الخطيرة الذي يدلُّ على سعة الأفق لإستكمال الترابط العربي وحيث يجب أن تكون بلاد الرافدين العظيمة حلقة رئيسية في هذه السلسلة العربية وكما كانت عليه الأوضاع في فترات تاريخية كانت حاسمة وخطيرة.

وهنا فإنني أقول وبصوت مرتفع إنه علينا كلنا بكل وجهات نظرنا المتقاربة والمتباعدة أنّ نقدم العام على الخاص، وأنْ نحرص على ألاّ تضيع منا هذه اللحظة التاريخية إذْ أن المملكة العربية السعودية باتت مستهدفة، حتى من قبل بعض العرب الذين وضعوا أنفسهم وللأسف في الجبهة المعادية، لأنها أصبحت تحمل كل هموم وتطلعات هذه الأمة، ولأنها بهذه الخطوات التي كلها في الإتجاه الصحيح قد جعلت أملنا بمستقبل واعد أمراً واقعاً وقريباً، وهذا يفرض علينا كلنا حتى ممن هم أصحاب وجهات نظر لا تتطابق مع وجهات نظر الآخرين أنْ نتكاتف وأنْ نكون مع حركة التاريخ التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أمد الله في عمره، وولي عهده الأمين الذي أثبت أنّ الشباب السعوديين قادرون على تحقيق آمال وطموحات الشعب السعودي وأيضاً تطلعات الأمة العربية.

وبالطبع فإنّ هناك، وفي معظم دول وطننا العربي والعالم الثالث، لا بد منْ خارجين على بلدهم وشعبهم ومرتبطين بمعادلات خارجية، وحقيقة أنّ مثل هؤلاء بالنسبة للمملكة العربية السعودية أعدادهم قليلة، وأنّ إرتباطهم بدول "معادية" مثل إيران معيب ومخجل وبخاصة وأنه يأخذ طابعاً مذهبياً مرفوضاً عند الشعب السعودي بكل مكوناته.