أجمل ما مرَّ على العرب في تاريخنا المعاصر هو "تآخي" المملكتين، المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، والمهم في هذا التآخي هو أنه لم يشكل أي أستهداف لا سياسي ولا إعلامي ولا غيرهما من أي دولة عربية لا قريبة ولا بعيدة، وأنّ الأمور قد تركزت على المصالح المشتركة وعلى تعزيز العلاقات الثقافية وعلى الأمور الإقتصادية، وقد بقي السعوديون سابقاً ولاحقاً يشعرون وهم في "طنجة" وفي الرباط وكأنهم في جدة على شواطىء البحر الأحمر.

وهكذا وبإمكان أيّ "متجول" في أصيلة التي ألبسها صديق العرب كلهم محمد بن عيسى ثوباً ثقافياً جميلاً وحوّلها إلى "محج" سنوي للمثقفين من أربع رياح الأرض، وربما أنّ هناك من لا يعرف أنّ في هذه المدينة الـ "نشمية" الباسمة دائماً وأبداً أهم مكتبة في تلك المنطقة كلها وربما في العالم بأسره أصرّ صديقنا محمد بن عيسى أن يعطيها إسماً يؤكد على الأخوة السعودية – المغربية وهو الأمير بندر بن سلطان الذي بقي سفيراً لبلاده في واشنطن ودبلوماسياً ناجحاً في أهم عاصمة كونية.

إنّ كل من شارك في موسم "أصيلة" .. الأصيلة حتى ولو لمرة واحدة لا بدّ وأنه عاد بأكثر من صديق من رموز الثقافة والإبداع من العرب وغيرهم، ولا بد أنه إستمتع بفنادق البحر الأبيض والمحيط الأطلسي وبلوحة تشكيلية، كما جاء في وصفها في أحد التعريفات، كبيرة متعددة الزوايا، وحيث أن هذه المدينة "الشابة" قد جمعت بين التاريخ بمبانيها القديمة وبين الفن والطبيعة وأخلاق أهلها العالية... وإبتسامة الصديق محمد بن عيسى ومنزله الجميل القديم الذي يغرق في بحيرة أبنية حجرية لا أجمل منها في الكرة الأرضية.

في كل عام مع إقتراب موسم أصيلة الثقافي كان الذين "أدمنوا" شدّ الرحال إليها والذين دأبوا على التغني بهواء وبحر وحجارة هذه المدينة "لا بد من أصيلة وإن طال السفر".. ومع الإعتذار الشديد من "صنعاء" التي "قبّح" طلتها الجميلة "الحوثيّون" وحراس الثورة الإيرانية والإعدامات بـ "السيوف المثلمة" لأبنائها.. الذين بقوا يجددون أدبها وأغانيها وأشعارها .. وهذا كان قبل ثورة عبدالله السلال رحمه الله على أي حال.. لقد كان إنساناً طيباً ولكنه إستخدم كخنجر في أيدي الذين كانوا يظنون أنهم بمجرد الشعارات الطنانة... الرنانة سيضعون الوطن العربي كله في جيوبهم "المثقبة"!!.

إلى الشمال من أصيلة في إتجاه "طنجة"، التي لا خلاف على أنها أجمل مدن البحر الأبيض المتوسط، يقع كهف "هيرقل" والمعروف أنّ "هيرقل" هذا هو أحد أبطال "اليونان التاريخية الإسطورية"، الذي إقترن في هذه "المغارة الإسطورية" بفتاة جميلة إسمها "تِنجا"، والمؤكد أنّ هذا الإسم الجميل مأخوذاً من إسم هذه المدينة التي أنجبت الرحالة العربي الكبير إبن بطوطة في عام 1704 م والذي إستغرقت رحلته التاريخية ثلاثين عاماً قطع خلالها 120 ألف كيلو متر وزار كل دول شمال إفريقيا وبلدان المشرق العربي كلها وبلاد فارس وبالطبع وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى والهند والصين.. ثم عاد ليموت في مدينته وليدفن فيها في قبر غير معروف على نحو مؤكد وقاطع.