ليس سراً ان السيد مصطفى الكاظمي كان مرشح التسويات غير المعلنة وغير المباشرة بين إيران التي فشلت في تحقيق اجماع للقوى المتعاونة معها حول شخصية رئيس مجلس الوزراء، وبين أمريكا التي كانت تنتظر شخصية غير محسوبة كليا على الطرف الإيراني وعلى الأقل تملك الحد الأدنى من الاستقلالية بعيدا عن الوجوه التي تناوبت الحكم منذ سقوط النظام الدكتاتوري واغرقت البلاد في فوضى الفساد والفقر المدقع والتخلف الحضاري والتبعية المطلقة لأجندات إقليمية وتدمير البقية الباقية من البنى التحتية الضرورية لاي مجتمع.

حتى الان نجح السيد الكاظمي على الأقل في اكمال حكومته رغم كل العقبات التي وضعت في طريقه، ولكن هذا وحده لا يعني إمكانية نجاحه في تحقيق برنامج حكومته واجراء انتخابات مبكرة ناجحة مع كل التحديات التي تواجهه، فهناك اكثر من جهة تهدد وتتوعد بإسقاط الحكومة الحالية خاصة فيما اذا تجاوزت الخطوط الحمراء المتعلقة على سبيل المثال بالحشد الشعبي ومليشيات بعض القوى السياسية او المتعلقة بالعلاقات المتشعبة الاخطبوطية مع الجارة ايران او المباشرة بفتح ملفات الفساد للرؤوس الكبيرة ..... الخ.

لما سبق تأتي الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق و الولايات المتحدة الامريكية في هذا الوقت بالذات كطوق نجاة لحكومة السيد الكاظمي، اذ من المتوقع من هذه الاتفاقية هو مساهمة الولايات المتحدة الامريكية في إيجاد حلول سريعة للازمة المالية الخانقة وللخزينة العراقية الخاوية بما لديها من تأثير على البنك الدولي مثلا، كما ستضمن أمريكا مواجهة حاسمة للعصابات الإرهابية التي تعيد انتشار وحداتها ومجاميعها بعد ان غيرت استراتيجيتها القتالية ومن الصعب على الحكومة العراقية مواجهة هذا التحدي دون مساعدة دول التحالف والولايات المتحدة الامريكية، هذا بالإضافة الى ان أمريكا ستدعم حكومة السيد الكاظمي تجاه التهديدات الداخلية والإقليمية وتحجيم الوجود والدور الإيراني، اذا لم يكن التخلص نهائيا من هذا الوجود ومردوداته في سوريا والعراق والمنطقة وربما أيضا الغاء او تقليص العقود المزمعة مع الصين الشعبية.......الخ

السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي الذي لا يملك لا حزبا سياسيا ولا مليشيات تأتمر بأمره، بحاجة ماسة لهذا الاتفاق الذي يمثل طوق نجاة حقيقي من الازمات التي تعصف بالبلاد، خاصة فيما إذا استطاع ان يكسب الجانب الكوردستاني ثاني أكبر قومية رئيسة في البلاد لصالح الاتفاقية ومشاركتهم في صياغة بنودها.

الاتفاقية الاستراتيجية (بما لها وما عليها) هي فرصة سانحة لحكومة السيد الكاظمي لتجاوز سلبيات المرحلة السابقة والتأسيس لمرحلة جديدة تحقق مطالب الشارع العراقي الثائر في العيش الكريم.


[email protected]