مع التقدير والإحترام لوزراء الخارجية العرب وللجامعة العربية فإنّ البيان الأخير الذي أصدروه، والذي يقطر عسلاً، يمكن إعتباره إزاء هذه التحديات كلها التي تواجهها هذه الأمة من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب ومن الإتجاهات كلها بأنه: "موقف اللاموقف" وأنه يشجّع "الأعداء" والطامعين على التمادي في إستهدافهم لأمتنا ولدولها كلها، وحتى للذين دأبوا على طأطأة رؤوسهم للذين شجعتهم الأوضاع الحالية على التمادي في إستهداف هذه الأمة.

لقد سمعنا من يردّد ومن يقول بعد إجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير: إنّ "الميدان لا يحسِم" وإنّ مواجهة كل هذه التحديات التي تجاوزت كل الحدود يجب أن يتم بالطرق الأخوية وبالأساليب السلمية وبمطالبة تركيا "أخوياًّ" بوقف القتال وبالإنسحاب من ليبيا، وبالطبع فإنّ رجب طيب أردوغان قد فهم هذا الكلام الناعم على أنه "عجزٌ عربي" يشجعه على التمادي في تدخله السافر في المنطقة العربية.. في هذا البلد العربي وأيضاً في سوريا والعراق.. ولاحقاً في دول أخرى قد تكون تونس من بينها على إعتبار أن وكيله في هذا البلد هو راشد الغنوشي.
إنّ المفترض أنّ كل العرب يعرفون، وبخاصة الذين أصدروا بيانهم "الناعم" الأخير الذي وبالتأكيد أنه قد شجّع "المتطاولين" على تطاولهم، أنّ هناك إنْ لم يكن تنسيقاً فـ"تناغماً" بين تركيا رجب طيب أردوغان وبين دولة الولي الفقيه.. و"دولة العدو الصهيوني" لتقاسم الوطن العربي و"تناهشه"، وإلاّ ما معنى أنْ يعلن بنيامين نتنياهو أنه سيضم جزءاً من الضفة الغربية والجزء الغربي من "غور الأردن" وفي حين أن إسرائيل باتت تحتل هضبة الجولان السورية كلها وأنها قد "ضمّتها" إليها بدون أي رد فعل من هذا النظام السوري البائس، وأنّ تركيا.. غير "الشقيقة" قد تمادت كثيراً في غيّها وأنّ إيران.. التي لا هي شقيقة ولا هم يحزنون قد تمدّدت في العراق وفي سوريا كل هذا التمدّد وأنها قد وصلت بإحتلالها إلى اليمن الذي لم يعد سعيدأً ووصلت بهيمنتها إلى لبنان الذي بات يحكم من ضاحية بيروت الجنوبية وليس من قصر بعبدا!

إنه واقع مخيف ومؤلم، وإنّ هذه البيانات "الخجولة" التي باتت تصدر عن الجامعة العربية قد زادت الطامعين في الوطن العربي طمعاً.. ويقيناً أنه إذا لم تكن هناك وقفة جدية إنْ من كل العرب فمن الذين يمثلون الضمير العربي الحر والذين ورغم كل هذه التحديات لا زالوا يتمسكون بعروبتهم ولا زالوا يصرون على أنه بإمكان "العين" أنْ تواجه "المخرز"، وأنّ فئة قليلة متمسكة بعروبتها وبقيمها القومية قادرة على أن تكون لها الغلبة على كل هذه التحديات المصيرية وعلى أطماع الطامعين في هذه الأمة العظيمة التي كانت قد تمددت حضارياًّ ومن العمق الأوروبي في الغرب وإلى مشارف الصين في الشرق.

نعم.. إنه بإمكان فئة قليلة متسلحة بالإيمان وبالتمسك بحقوقها القومية في وطنها العربي أنْ تتغلب على هؤلاء الطامعين الذين تشجّعهم هذه البيانات الخجولة والناعمة، التي تصدر في هذه الظروف الصعبة بإسم العرب والجامعة العربية وعلى أساس أنّ "الحسم" بالكلام الإستجدائي والخجول وليس في "الميدان"، على التمادي في غيّهم.. فالمعروف أنّ رجب طيب أردوغان قد جاء إلى ليبيا وإلى أفريقيا العربية غازياً وأنّ دولة الولي الفقيه باتت تحقق إختراقات توسعية في خمس دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن وفي فلسطين (قطاع غزة) وأنّ بنيامين نتنياهو بات يصول ويجول ويهدّد ويتوعّد بعدما باتت إسرائيل تواجه بكل هذا الإستسلام وهي تقوم بكل هذا الذي تقوم به في سوريا.. وحيث تمر طائراتها الحربية يومياًّ من تحت أنف الرئيس التركي الذي يعتبر نفسه أمير المؤمنين.. وهو وبالتأكيد إطلاقاً ليس كذلك!