بعد انفجار أحد المفاعلات النوویة الأربعة في منشأة تشیرنوبل النوویة عام 1986، أخلیت المدینة من ساكنیھا الـ 100 ألف في الحال، ولم یعد أحد منھم أبداً، إذ أعلنت المنطقة المنكوبة والمتأثرة بالإشعاع؛ منطقة غیر مأھولة لأي شكل من أشكال الحیاة طوال 20 ألف سنة قادمة!

لكن طبیعة الكائنات الحیة الجبارة اخترقت تلك الحسابات في مقتل حین بدأت ھذه المنطقة في التعافي خلال عقد من الزمان لا أكثر، فعاد ظھور النباتات الفصلیة في المنطقة، وعادت الغابة المحاذیة لموقع الكارثة لبناء نفسھا بنفسھا، وفي عقدین لاحقین بدأت حیوانات الغابة في الظھور، وتكاثر منھا معظم أشكال الحیوانات المعروفة في شرق أوروبا، في إثبات مذھل لمرونة الغابات الاستثنائي.

و ُیجمع العدید من الأطباء أن 80 بالمئة من أمراض الإنسان لا یحتاج فیھا لتناول الأدویة الكیمیائیة، وأن الصبر على الجسم البشري ومساعدتھ بتغییرات بسیطة في أسلوب الحیاة الیومیة، والغذاء وممارسة الریاضة المناسبة ھم أفضل علاج لتلك الأمراض، التي من المستحسن تركھا لمناعة الإنسان المسؤولة عن مقاومتھا.

ففي دراسة طبیة أجراھا مجموعة من الباحثین في جامعة ھارفارد أثبتت أن العدید من الأمراض مثل الكولیسترول، التھاب المفاصل، الاكتئاب، ضغط الدم، السكري، الزھایمر، وھشاشة العظام؛ یمكن علاجھا بدون أدویة، وفي معظمھا یكون ذلك أفضل للمریض، وأن أكثر الأشیاء تأثیراً على صحة المریض ھو محیطھ الحیاتي، نظامھ الغذائي، ونشاطھ البدني.

وكل كائن حي ”مریض“ بأي علة یحتاج للوقت لیتعافى، لكنھ یحتاج أولاً وقبل عیادة الطبیب إلى أن ُینصت إلى مشكلتھ جیداً، ویسعى لحلھا بنفسھ، وھذا ما نلاحظھ حین نراقب ردود أفعال النبات والحیوان تجاه تقلبات الحیاة في الطبیعة، لأنھا ُجبلت على أن لكل دواء أعراض جانبیة مھما كان مثالیاً، مقابل تعافي بلا أضرار جانبیة مرده عزیمة وإیمان المرء في شفاءه الذاتي.

وكان ”ویلیام شكسبیر“ الكاتب الإنجلیزي یقول إن: ”أكثر ما یشقیني ھو مرض عدم الانصات، وداء عدم الانتباه“، إذ كان یعتبر ”الضجیج“ مرضاً قبل المرض، كما أنھ ما ُیل ّوث قدرة المرء على توجیھ بصیرتھ نحو ما یجب علیھ عملھ، و ُیشتت انتباھھ عن أصل المشكلة، ویتركھ منشغلاً بتداعیاتھا.