إن دور المنتديات الثقافية التي تعقد بها الحوارات المتعددة، حيث إنها تسهم بشكل كبير في تعزيز وحركة القيمة الثقافية في المجتمع، وتشكل رافدا حضاريا معرفيا يعلي من شأن الإنسان بالحوارات المفتوحة الحرة، التي تساعد في تخطي كثير من العقبات التي تعيق تقدمها واستمرارها، فقد شهد كثيرا من البلدان العربية الدور الكبير الذي قدمته تلك المنتديات كما هو في مصر والمغرب العربي. كما أن للمنتديات الثقافية دورا كبير في التعريف بالكفاءات العلمية والثقافية والأدبية وفسح المجال لهم لطرح ما يحملون من علوم وثقافات متعددة من التجارب المختلقة، ونضج أفكارهم بالحوارات التي تقارعها أو تضيف لها ما خفي عنهم لكي تتعزز أكثر مما كانت عليه.

كذلك المنتديات هي المنبر الوحيد للشعراء ليلقوا بما عندهم وفي المقابل يستمعون للنقد الأدبي ليضيف على ما تغنون به في تلك المنتديات الثقافية. لكن المنتديات الثقافية تواجه تحديات وعقبات حالها كحال أي منبر ثقافي تعيق حركتها أو بمعنى أصح تهدد مستقبلها في ظل انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة، حيث أصبحت هي الوسيلة الأبرز في اتخاذ المعلومات والثقافات بطريقة سريعة وسهلة الوصول إليها بدون عناء أو مشقة. أبرز التحديات هي: المواضيع البعيدة عن ملامسة واقع وحاجات الناس، التي يستفيدون منها ويرون بأنها حاجة ضرورية لهم، على الخلاف من ذلك يصبح المنتدى الثقافي عبء على من يسعى له لسهولة الطرح أمام العالم الافتراضي.

الأمر الآخر المهدد لمستقبل المنتديات الثقافية عدم إعلاء سقف حرية الطرح ومناولة المواضيع الحساسة التي تنافس ما يطرح في ميديا والتلفزيون، فليس من المعقول في وقتنا الراهن ترك وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة التي تطرح المواضيع المهمة، والذهاب إلى منتدى يطرح مواضيع ليست بالمستوى المطلوب. لكي يتم ذلك لابد من الدعم المعنوي من الجهات المسؤولة في المكان التي يكون فيه المنتدى. كما أن هناك عائقا أمام المنتدى هو عدم التجديد في أسلوب طرح المواضيع، حيث إن الأساليب الرتيبة القديمة غير جاذبة للمتلقي، إذ لابد من تبدلها إلى أسلوب حواري تفاعلي وليس أسلوب إلقاء المحاضرة من ثم حوار باهت وجامد. وأخيرا إخضاع المنتديات إلى لجان تنفيذية مؤسساتية تشارك في تقدم الصالون بالأفكار الجديدة وتكون هذه المؤسسة معترف بها من الجهة الرسمية المخولة بذلك، على العكس من ذلك العمل الفردي الذي ينهي عمل المنتدى بانتهائه وموته.

هكذا تكون المنتديات متقدمة وتنافس وتأخذ دورها في وسط الوسائل المختلفة وتثمر بالأفكار الجديدة وتستمر بالعطاءات المختلفة في ظل المتغيرات المعطلة لمسيرتها المعززة بالثقافة الهادفة.