اعتدت منذ سنوات طويلة وأنا أكتب مقالاتي في الصحف والمجلات ووسائل التواصل الإجتماعي، أن أواجه جيشا من الأقلام المرتزقة وهم يشنون أعنف الهجمات الكلامية ضدي من خلال سيل من التعليقات والكتابات ردا على آرائي. ولم تخل تلك التعليقات في بعض الأحيان من الشتائم والتعريض والتخوين، بل وحتى تهديدي بالقتل، ولكن ماذا أفعل هكذا هو حال الأقلام المأجورة التي تسترزق بالدفاع عن الطواغيت والحكام المستبدين، وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان.

وفي الحقيقة أشعر بقدر من الإرتياح حين أرى هؤلاء المرتزقة وهم يستميتون بالدفاع عن نظام البارزاني وأقول مع نفسي " دعهم يسترزقون من كتاباتي "، وأترك الحكم للقاريء الذي يرى مثلي بأن هذه الكتابات لا تغير من الواقع شيئا، فهي كتابات مدفوعة الثمن لا يوفق أصحابها في الوصول الى هدفهم لأن مجملها كتابات غير مقنعة وغير منطقية مما يؤكد فشلهم الذريع في الاتيان بحجج مقبولة لرد مقالاتنا.

ومن بين ردود أفعال الكثير من هؤلاء المعلقين هو وصفي بـ" المريض نفسيا "!. ويتكرم بعضهم بنصيحتي أن أراجع طبيبا نفسيا لمعالجتي مما يسمونه بـ" عقدة البارزاني " التي أعاني منها نفسيا. وأنا في الحقيقة أعترف بأنني فعلا مصاب بهذه العقدة وفي طريقي الى الجنون. ويبدو أن هذه العقدة ليس لها علاج وأنها أصبحت مرضا مزمنا ومعديا يصيب جميع المثقفين والكتاب الأحرار ممن يعيشون واقع كردستان اليوم ويرون بأعينهم ما يجري فيها من الظلم والإضطهاد وخرق القوانين والفساد.

اليكم جزء من سياسات ومواقف حزب البارزاني التي تصيب كل ذي عقل سليم بالجنون :
- منذ خمسة عشر سنة تجاهد السلطة الكردية التي يقودها حزب السيد البارزاني من أجل إدراج ميزانية البيشمركة ضمن تخصيصات وزارة الدفاع العراقية من موازنة الحكومة الاتحادية، وترفع شكواها الى العالم كله بسبب الحيف الذي يلحق بالبيشمركة من خلال حرمانهم من ميزانية الدولة، وتشتكي لدى سفارات أمريكا وبريطانيا والمبعوث الخاص للأمم المتحدة وكل الوفود ألأجنبية التي تزور إقليم كردستان بسبب عدم الحاق رواتب البيشمركة بميزانية وزارة الدفاع العراقية، ولكن عندما يطالب موظف بسيط لايملك ثمن إيجار بيته بأن ينقل راتبه الى بغداد، ترى الأقلام المأجورة المتعفنة تشن حملة شرسة ضده لأنه يريد تحويل راتبه من كردستان الى بغداد!!!.
- منذ سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد، هناك عدة دوائر ومؤسسات تابعة للحكومة المركزية في إقليم كردستان تقبض رواتبها الشهرية من بغداد مثل ( دوائر الجنسية والإقامة، السدود، البنوك العراقية، مفوضية الانتخابات، حراس الحدود، الشرطة الاتحادية، فروع الهيئات المستقلة وغيرها، ولكن حين يطالب موظف لم يستلم راتب أربعة أشهر من السنة الحالية بنقل راتبه الى بغداد يعتبرونه خائنا وعميلا للسلطة الشيعية!!!.

- منذ أول تشكيل للبرلمان والحكومة العراقية، هناك المئات بل الآلاف من أعضاء البرلمان والوزراء الكرد ووكلاء الوزراء والمدراء العامون والموظفين العاملين في دوائر البرلمان والوزارات، يستلمون رواتب مجزية من بغداد كل شهر، ولكن حين يطلب موظف لا يمتلك ثمن علبة حليب لطفله بأن ينقل راتبه الى بغداد، ترى العشرات من جوقة الحزبين الحاكمين يشتمونه ويسبونه ويخونونه!!!.

- حين لجأ حزب البارزاني في 31 آب من عام 1996 الى نظام صدام حسين ليساعده عسكريا بإحتلال أربيل، وإستقدم قوات الحرس الجمهوري لانتهاك حرمة البرلمان الكردستاني، كان هذا العمل بنظرهم وطنيا مشرفا، أما حينما يرفض الاتحاد الوطني أن يقاوم جحافل الحشد الشعبي ويرفض إراقة دماء بيشمركته في كركوك، يعتبر ذلك خيانة وبيعا لكركوك!!!.

- حين مزق أنصار حزب البارزاني جوازات سفرهم العراقية، ونادى كبيرهم على الشاشة بأنهم سوف يعلنون دولة كردستانية مستقلة وأنهم سوف يطلقون بغداد بالثلاث، لكن عندما يقول بعض الكتاب بأن وقت الانفصال عن بغداد لم يحن لذلك، أصدروا قائمة سوداء بأسماء ثمانين من الكتاب والمثقفين وأعتبروهم خونة بحق الأمة، وهاهم الآن يستنجدون ببغداد لترسل اليهم ولو راتب شهر واحد لموظفي الإقليم!!!.

- حين يطالب موظفو كردستان بتحويل رواتبهم الى بغداد تسمع الكثير من مرتزقة نظام البارزاني يصرخون وينددون بهذه الدعوات التي ستسبب بنظرهم بالغاء كيان إقليم كردستان! ولا أعرف كيف يمكن إلغاء هذا الكيان وهو مثبت في الدستور العراقي، وأن إلغائه يحتاج الى تعديل الدستور، والتعديلات تحتاج الى إستفتاء شعبي عام، وهناك نص يسمح لمحافظتين أن يرفضا إجراء أي تعديل في الدستور دون موافقة الأغلبية بالمحافظتين!!.
بدل أن تكرس السلطة مثل هذه الإقلام المأجورة للدفاع عنها وهي كلها أقلام تافهة و قاصرة عن إقناع الشعب، وبدل أن تصرف ملايين الدولارات على وسائل إعلام هزيلة لا تستطيع مواجهة الحقائق، يجب أن تفكر في ألأسباب التي تدعو بالمواطن الكردي الى أن يطالب بتحويل راتبه الى بغداد، فعلى ما يبدو أن حكومة الإقليم ليست أمينة بتوصيل هذه الرواتب الى موظفيها ولهذا فإن الناس تحتج، خصوصا بعد ضياع مصير أربعمائة مليار دينار التي أرسلتها الحكومة العراقية في الشهر الماضي كرواتب لموظفي كردستان، لكن حكومة الإقليم إستخدمتها لسداد ديونها للشركات المحلية.

والأهم من كل ذلك، أن كل تمويل لرواتب موظفي الإقليم تأتي أساسا من بغداد، سواء وزعتها حكومة الإقليم أو وزعتها حكومة بغداد مباشرة، فما العيب في المطالبة بتسلمها مباشرة من بغداد من دون واسطة حكومة الإقليم؟.

مشكلة المثقفين والكتاب في كردستان هي مع هذه السياسات التي ينتهجها نظام البارزاني في إقليم كردستان، فهذا الحزب يريد منهم أن يعطوا عقولهم اجازة ولايفكروا الا كما يفكر هو، فاذا قال اللبن أسود، يجب أن تؤمن بأنه أسود. وإذا قال بأن الفيل يطير في السماء، فيجب أن تؤمن بذلك حتى لو تعارض ذلك مع العقل والمنطق!!. ترى ألا يصيبك مثل هذا القول، بجنون؟