مصير مجهول لإقليم معلول:
يقف إقليم كوردستان اليوم مجدداً على كف عفريت مجهول المصير في ظل استمرار الاجتياح وتصاعد العدوان التركي والإيراني عليه، اضافة إلى الأوضاع السياسيه والإقتصاديه والإداريه المزريه التي يعاني منها المواطنون في إقليم كوردستان منذ عام 2014.

وإزاء مستقبل قاتم كهذا ينذر بكارثة جديدة يدفع ثمنها في المقام الاول الشعب الذي يعاني من غلاء فاحش وتردي الخدمات في جميع المجالات، من صحة ونقل وتعليم وماء وكهرباء وغيرها كما يعاني من الضائقة المعيشية الخانقة بعد ان وصلت رواتب الموظفين الصغار والمتوسطين وكل ذوي الدخل المحدود إلى الحضيض بسبب إفلاس الإقليم والغرق في الأزمات الاقتصادية ومستنع الديون الثقيلة، اضافة إلى تفشي الفساد السياسي والاجتماعي والاداري وانتشارافة البطالة وخاصة بين الشباب من خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا والزيادة المستمرة في أسعار المواد الضرورية.

نعم، يدفع المواطن ثمن فشل وتراجعات و إخفاقات الحكومات المتعاقبة في الإقليم والتي لم تقم بأي دور مؤثر وجدي لتغييرالحال، ووضع الخطط الكفيلة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في إقليم كوردستان منذ عام 1992 ولحد هذه اللحظة.

وبعيدا عن النعرات الحزبية وشتم هذا والإنقاص من ذاك ومناصرة هذا الحزب ومحاربة ذاك الحزب وقول هذا الحزب حق وذاك باطل وفاشل، علينا ان نجلس مع أنفسنا ونفكر بتمعن لتحديد مكامن الخلل بصورة دقيقة وشاملة، بعيداً عن الفردية والأنويَّة والمصالح الحزبية الضيقة والموروثات الطائفية والعشائرية التي ابتلينا بها منذ قديم الأزل.

علينا ان نسأل انفسنا ونقول: على الرغم من ان القطاع الزراعي في إقليم كوردستان العراق من القطاعات الحيوية والإستراتيجية لما يمتاز الإقليم به من مناخ وتربة ملائمة ووفرة المصادر المائية, إلا أنه يعاني من ضعف وتأخر، وبالتالي يعتمد على المنتجات والمحاصيل الزراعية المستوردة من تركيا وإيران، نسأل: من هو المسؤول عن انعدام المشاريع الزراعية التي باتت ليس فقط معدومة في الإقليم وانما اغلب المعامل التي كانت تعتمد على الإنتاج الزراعي المحلي أغلقت أبوابها وأصبحت الرقع الزراعية المستغلة محدودة جداً على الرغم من وجود جميع مقومات النجاح للاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية في ظل وجود الموارد البشرية والتربة الخصبة والمياه السطحية والجوفية المتوفرة على مدار السنة في الإقليم.

نسأل: لمصلحة من أهملت الحكومات المتعاقبة في الإقليم في سياستها الاقتصادية قطاع الزراعة، واكتفت بتشجيع الاستيراد من تركيا وإيران تحديداً ليصل حجم التبادل الزراعي معهما إلى أكثر من عشرة ملايين دولار سنويا.

لماذا ركزت حكومات الإقليم المتعاقبة على تشكيل قوات و مليشيات ومؤسسات عسكرية وأمنية حزبية بدل تشكيل قوة عسكرية وأمنية موحدة وطنية تكون ولائها للشعب والوطن لا للاحزاب المتنفذة، اسوة بغالبية بلاد العالم والتي تكون الاجهزة الامنية ضمن الجهاز التكنوقراطي للدولة، وهي باقية سواء جرى تغيير الحكومة ام بقت لفترة طويلة ويكون ولاؤها واخلاصها للدولة والشعب؟ لماذا عينت السلطة عشرات الالف من الفضائيين في الوزارات الامنية وغير الامنية ولمصلحة من؟ لماذا بلغت ديون الاقليم اكثر من 27 مليون دولار في وقت الذي لا يملك مصنعاً لماء الشرب، في حين ان المياه السطحية والجوفية متوفرة على مدار السنة في الإقليم؟ أين ذهبت عائدات النفط والمنافذ الحدودية والكمارك والسياحة؟ لماذا بين حين وأخر تتوتر الاجواء بين الحزبين اللذين يقتسمان السلطة في الإقليم ( الديمقراطي في اربيل والاتحاد في السليمانية )؟ لماذا لم تنجح حكومات الإقليم المتعاقبة في تطبيع الاوضاع وازالة مخلفات الاقتتال الداخلي؟ لماذا لم تنتهج حكومة الإقليم سياسية نفطية فعّالة ومتزنة وعقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد الوطني على عوائد تصديرالنفط الخام والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدروالضياع؟ لماذا لم تقوم الحكومة بتطوير القوى المنتجة في ريف كوردستان عن طريق اعادة الفلاحين إلى قراهم وبناءها واستصلاح اراضيهم وتعويضهم وتوفير الخدمات لهم؟ لماذا لم تقوم الحكومة بحماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي ودعم نزعات التعاون بين المنتجين الصغار والمتوسطين لتطوير انتاجاتهم؟

هل حقا اقليم كوردستان يعاني من العجز المالي المزمن أم يعاني من فائض في اللصوص وحيتان الفساد؟ واسئلة كثيرة ملحة اخرى اكتفي بهذا القدر.

اخيراً.. أترك الإجابة والتعليق على الاسئلة المذكورة اعلاه للقارئ العزيز ولكل من يهمه أمر إقليم كوردستان الذي يقف مجدداً بعد 29 عام من حكم شبه مستقل في سياسته واقتصاده على كف عفريت يلقى به متى ما شاء.