كان ضروياًّ أن يواجه الفلسطينيون خطوات الـ "ضم"، التي قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي إتخاذها مع تأجيل غير مؤكد، بـ "هدنة" بين حركة "فتح وحركة "حماس" والمفترض أنْ يعود هذان الفصيلان الرئيسيان إلى إتفاق مكة المكرمة في الثامن من "فبراير" عام 2003 الذي أبرم برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، وأرتدت عليه حركة المقاومة الإسلامية قبل أنْ يجف الحبر الذي كتب به وكانت النتيجة إنفصال غزة عن الضفة الغربية سياسياًّ بعد مواجهة عسكرية تم خلالها "رمي" الفتحاويين من فوق الأبراج.

إنَّ منْ إتخذ قرار "الهدنة" أو المصالحة هذا من قبل "حماس" هو قائد غزة "النافذ المتنفذ" يحي السنوار أما من قبل حركة "فتح" فقد إتخذه جبريل الرجوب بـ "مباركة" من الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) وتأييد "المركزية الفتحاوية" وترحيب من الشعب الفلسطيني ومن باقي التنظيمات الفلسطينية: "الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديموقراطية" ... وإمتناع حتى الآن من قبل حركة الجهاد الإسلامي التي أسسها الشهيد فتحي الشقاقي.

إنه غير معروف ما إذا كانت هذه المبادرة خطوة توحيدية بين هاتين المنظمتين الفلسطينيتين الرئيسيتين وحيث تسيطر حركة "حماس" على قطاع غزة وتسيطر حركة "فتح" على الضفة الغربية وحقيقة أن هذا مستبعد جداًّ فحركة المقاومة الإسلامية برئاسة وقيادة إسماعيل هنية الذي ترك الـ "قطاع الفلسطيني"، وأصبح متنقلاً بين "الدوحة" وطهران قد إلتحق نهائياً بـ "التنظيم العالمي" للإخوان المسلمين وأصبح قرارها هو قرار هذا التنظيم الذي دأب على القول في "منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية والسلطة الوطنية" أكثر كثيراً مما قاله مالك في الخمر.

لكن ومع ذلك فإنه لا بد من القول: "تفاءلوا بالخير تجدوه" وأن فلسطين تستحق وبخاصة في هذه الظروف العصيبة والخطيرة أن تكون هناك تنازلات متبادلة بين "فتح" و"حماس" وأن تستعاد الوحدة بين قطاع غزة والضفة الغربية وأن تتخلى حركة المقاومة الإسلامية عن إنفصال عام 2007 وتنضم لمنظمة التحرير "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" وحقيقة أن هذه خطوة في غاية الصعوبة مادام أن قرار إتخاذها بيد رجب طيب أردوغان والإخوان المسلمين وليس بيد يحي السنوار ولا إسماعيل هنية وأيضاً ولا خالد مشعل.

وهكذا وفي كل الأحوال فإن المؤكد أن "فتح" وعلى رأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) جادة في هذه الخطوة وفي ما هو أبعد منها طالما أن القضية الفلسطينية تمر بأخطر ما مرت به منذ عام 1948 وقبل ذلك وأنه على "حماس" أن تثبت أنها حركة وطنية فلسطينية وأن قرارها هو قرار فلسطين وأن علاقاتها بـ "الإخوان المسلمين" يجب ألاّ تكون علاقات "تابع ومتبوع" إذْ أن بإمكان الإخوان المسلمين أن يساندوا هذه القضية ويدعمونها بما يقدرون عليه ولكن بعيداً عن "التبعية" وعن العلاقات الإلحاقية التي كانت سائدة بين نظام حزب البعث العراقي و"الجبهة العربية" وبين نظام البعث السوري و"طلائع حزب التحرير الشعبية.. قوات الصاعقة".