لهذا نعيشُ اليوم في بلدٌ مفلسٌ ومَيْؤُوسٌ مِنْهُ:
بعد الأزمة المالية التي شهدتها كوردستان العراق منذ عام 2014، شهد القطاع الزراعي خلال الاعوام الماضية في الإقليم مؤشرات ايجابية، إذ توجه المئات من القرويين إلى زراعة حقولهم مما أدى إلى ازدياد ملحوظ في المحاصيل الزراعية ،الا ان المزارعين واجهوا ولا يزالون يواجهون صعوبات جمة في تسويق محاصيلهم الزراعية، وذالك في ظل استمرار إستراد المنتوجات الاجنبية وعدم تطبيق قانون حماية المنتج المحلي وفرض ضرائب على المحاصيل المستوردة. وعليه أن معظم المزارعين يضطرون إلى بيع محاصيلهم بخسارة والبعض منهم يقومون بإتلاف منوجاتهم ومحاصيلهم الزراعية ورميها في الشوارع العامة وسط مدن الإقليم نتيجة الخسائر المادية التي تلحق بهم بسبب غزوا السلع والمحاصيل الزراعية الاجنية للاسواق المحلية.

على سبيل المثال لا الحصر أن نحو 15 كلغم من الطماطم المحلي ( نوع جديد) تباع حاليا في الأسواق بمبلغ أقل من دولارين ،وأن هذا السعر لا يكفي أجور نقل المحصول من الحقل إلى السوق. لهذا نعيشُ اليوم في بلدٌ مفلسٌ و مَيْؤُوسٌ مِنْهُ.

اربيل تكتسي باللون الاحمر:
تظاهر يوم الاثنين المصادف 6/ 7 / 2020 العشرات من الفلاحين في مدينة اربيل وقاموا بقطع الطرق الرئيسية وإتلاف محاصيلهم الزراعية من الطماطم المحلي ورميها في شوارع العامة والساحات ، حيث تحولت الشوارع والطرق إلى اللون الاحمر احتجاجا على الخسائر الكبيرة التي لحقت بمنتوجاتهم الزراعية نتيجة انخفاض أسعار منتوجاتهم بسبب جشع مافيات وحيتان التجارة والتهريب المدعومين من قبل اشخاص متنفذين مرتبطين بقادة سياسيين وحزبيين كبار يتخذون لهم القرار بفتح الاستيراد والقضاء على المنتج المحلي ، أضافة إلى تهريب وضخ كميات كبيرة من السلع البائسة والمنتوجات الزراعية المعالجة بمواد كيمياوية سامة والمستوردة من ( تركيا وايران ) وضخها في اسواق الإقليم والتي تؤثر بشكل سلبي على اسعار المنتوجات المحلية وتكديسها من جهة ،وعلى صحة المواطن من خلال انتشارالامراض المسرطنة من جهة ثانية.

إقليم كوردستان غني بثرواته ولكن:
ان إقليم كوردستان غني بموارده وثرواته الطبيعة التي تشمل النفط والمعادن والغاز ، وغني بطبيعته الساحرة والخلابة التي تجذب السياح من جميع انحاء العالم ، كما يمتاز بغزاره المياه ومساحات شاسعة من التربة الخصبة (الصالحة للزراعة )(1 )، إلا انه فقير جدا في أدارة هذه الموارد ، لان السلطة الحاكمة تفتقر إلى أدنى استراتيجيات التنمية ومشغولة بمغانم السلطة والامتيازات والخلافات والانقسامات السياسية وتثبيت دعائم سيطرتها وسلطتها الحزبية، لا الحكم الرشيد.

مالعمل؟:
بسبب جبروت وقوة مافيات وحيتان الفساد المنظمة والمدعومة حزبياً من جهة وعدم تفعيل القوانين النافذة والرغبات السياسية في إدارة المنافذ والمعابر الحدودية من جهة ثانيسة ،مازالت المحاصيل الاجنبية تتدفق للاسواق عبر معابر شرعية وغير شرعية من دون حسيب أو رقيب ، وعليه ان حكومة الإقليم مطالبة اليوم بتحسين ادائها وإتخاذ قرارات سياسية جريئة في وجه الضغوطات الإقليمية ومخططاتها التدميرية واجنداتها التي تهيمن على القرار الاقتصادي والامني والسياسي.

حكومة الإقليم مطالبة بإجراء معالجة جذرية للازمات والمشاكل التي تعصف بالإقليم أرضاً شعباً.

على حكومة الإقليم ان تلتزم بدعم المنتج المحلي ومحاربة سياسة اغراق السوق المحلية بالسلع والمنتوجات الاجنبية خارج الضوابط الحكومية ، وذالك بوضع حد لمافيات الفساد والسرقات ومن خلال التعاون الحقيقي والسيطرة المشتركة بين المركز والإقليم وحسب (الدستور العراقي )(2) على المنافذ والمعابرالحدودية اينما وجدت، لحماية المنتج المحلي والحفاظ على حقوق وسلامة المواطن.

اخيرا اقول ، الشعب الذي انتفض في عام 1991 ضد الدكتاتورية لن يغفر عمن يسرق اليوم لقمة عيشه ويتنكر لمطاليبه المشروعة ، فالتحذرالحكومة ثورة الطماطم لانها أن جاءت ستكسح كل شيء في طريقها.
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ حسب إحصائيات وزارة تخطيط الإقليم فإن مساحات الأراضي الصالحة للزراعة في الإقليم تبلغ أكثر من 7ملايين و400 ألف دونم.
2 ـ تنص المادة 114 من الدستور العراقي على مايلي : تكون الاختصاصات الآتية مشتركةً بين السلطات الاتحادية وسلطات الأقاليم ، أولاً:- إدارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم ذلك بقانون.