لم يمر على هذه المنطقة، وربما على دول العالم بأسره، مثل هذا الإصرار من قبل الشعب الإيراني بمعظمه بقيادة: "مجاهدي خلق" وباقي قوى المعارضة الإيرانية على إسقاط "نظام الملالي" الذي اتضح، بعد إطاحة الشاه محمد رضا بهلوي في عام 1979 بفترة قصيرة، أنه نظام إستبدادي ومتخلف وأنه أسوأ كثيراً من النظام الذي سبقه لا بل كل الأنظمة السابقة التي مرت على هذا البلد الذي كان لعب ادواراً رئيسية في الحضارة الإنسانية وكان له دوراً طليعياً في هذا المجال.

كنت قد تعرفت على حركة: "مجاهدي خلق" في مرحلة حكم الشاهنشاه محمد رضا بهلوي وحقيقة أن هذه الحركة كانت ولا زالت قوة المعارضة الإيرانية الطليعية.. ولقد تعمقت معرفتي بها بدءاً بـ "يناير" عام 1979 بعد إنتصار ما سمي: "الثورة الخمينية" ولمست لا بل تيقنت من أنّ إيران بإنتظار مرحلة أسوأ كثيراً من المرحلة السابقة وأن الأيام المقبلة ستحمل الكثير من الويلات والكوارث لهذا الشعب العظيم الذي يعتبره العرب شعباً شقيقاً تجمعهم به مكونات حضارية كثيرة وهذا بالإضافة إلى الدين الإسلامي العظيم الذي إنخرطت في إطاره شعوب كثيرة في العالم كله وفي الكرة الأرضية بأسرها.

لقد التقيت في تلك الزيارة المبكرة، حيث كنت أحد الذين رافقوا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبوعمار)، رحمه الله، في أول زياره لمسؤول عربي لإيران بعد "إنتصار" ثورتها، عدداً من كبار القيادات الإيرانية الدينية والسياسية مثل حسين منتظري وشريعة مداري وغيرهم وهذا بالإضافة إلى بعض قادة حزب "تودة"، أي الحزب الشيوعي الإيراني، وقد لمست مبكراً أن هذا النظام نظام إستبدادي وأنه سيأخذ هذا البلد العريق إلى الحروب والويلات والكوارث الكثيرة.

وهكذا فقد كانت البداية أن تخلص "الخميني" من معظم الذين رافقوه في مسيرة المعارضة الطويلة ثم بعد ذلك بدأت عمليات الإبادة الجماعية والمذابح الهمجية وقد فُتحت أبواب السجون السابقة على مصاريعها وبُنيت سجوناً جديدة وبدأت حملات الإبادة المرعبة وأبشعها مذابح "كرمنشاه" الكردية حيث تحولت أعمدة الكهرباء إلى مشانق جماعية.

والأسوأ أن هذا النظام الجديد، "نظام الملالي" بقيادة روح الله الخميني، بدل أن يفتح أبواب إيران للذين جمعت إيران بهم الرسالة الإسلامية العظيمة والجوار التاريخي "الأخوي" بادر إلى التدخل في ما وراء حدود الدول المجاورة فكانت حرب الثمانية أعوام المرعبة وكان لاحقاً هذا التمدد الإحتلالي في العراق وفي سوريا وأيضاً في لبنان وفي اليمن وفوق هذا كل هذه التهديدات التي لا تزال متواصلة ومستمرة للعديد من الدول العربية.

والمشكلة أن علي خامنئي، الذي راهن عليه كثيرون في البدايات وتوسم فيه "الخير" غالبية الإيرانيين ومعظم المعنيين في الدول العربية المجاورة والبعيدة قد أثبت وفي اللحظة التي جلس فيها مكان الخميني أنه لا يقل "دموية" وعداءً للعرب الذين كان إدعى إنتماءه إليهم عمن سبقه وأنه إستكمل إقحام إيران في كل هذه الصراعات الإقليمية وأنه واصل قمع الشعب الإيراني وتشريده في أربع رياح الكرة الأرضية وأنه أثبت:" أن الخل هو أخ الخردل" وأن "الملالي" كلهم، وهو في طليعتهم، أكثر "سوءاً" من الجائحة التي إسمها "كورونا" التي إجتاحت العالم كله من الصين في الشرق وحتى الولايات المتحدة والبرازيل في الغرب.