ليس مستغرباً، وعلى الإطلاق، أنْ تفشل محاولة "تبادل الخطابات" بين حركة "فتح" وحركة "حماس"، فهدف حركة المقاومة الإسلامية هو تثبيت "شرعيتها" التي كانت إنتزعتها بقوة السلاح وبإلقاء مقاتلي حركة التحرر الوطني الفلسطيني التي هي أول الرصاص وأول المقاومة من فوق الأبراج المرتفعة والسيطرة على قطاع غزة وإخراج القيادة الفلسطينية منه ومنع منظمة التحرير من التواجد ونهائياً في هذا القطاع.
لم تكن مبادرة بعض قياديي "فتح" موفّقة لفتح نافذة إصلاح ذات البين بعد مرور كل هذه السنوات الطويلة على إنقلاب حركة "حماس" الدموي والإستفراد بقطاع غزة بقوة السلاح، ولقد ثبت بعد هذه "المهارشة" التصالحية أنّ هدف حركة المقاومة الاسلامية هو أنها تريد إنتزاع إعترافٍ من الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" ومن منظمة التحرير بأنها تشكل الرقم الرئيسي الثاني في المعادلة الفلسطينية وأنها تريد تحقيق وجود في الضفة الغربية يجعلها قادرة على فعل ما كانت فعلته في عام 2007 في قطاع غزة!!.
لقد كان مفترضاً، بحسب "وسطاء الخير" في حركة "فتح"، أنْ يكون إستكمال مبادرتهم التصالحية بإلقاء الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" خطاباً "أخوياً" يفتح الأبواب أمام خطوات تقاربية في هذا الاتجاه، وهذا بالإضافة إلى عدد من الخطابات المتبادلة، لكن المفاجأة كانت أنّ إسماعيل هنية الذي كان غادر قطاع غزة بدون عودة، كما يبدو، والتحق بالتحالف القطري- الإيراني- التركي أيضاً وأصبح متنقلاً بين الدوحة وطهران واسطنبول ومثله مثل قادة الإخوان المسلمين الذين أصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زعيمهم الأكبر ومرشدهم الأعلى.
وبالطبع فإنّ الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، الذي كان أحد رموز بدايات إنطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة والتي كانت حركة "فتح" قد أطلقت رصاصتها الأولى في الفاتح من 1965، والذي كان مثله مثل باقي القادة المؤسسين والأساسيين في مسيرة الشعب الفلسطيني المعاصرة، قد أدرك أنّ "حماس" ليست صادقة في توجهها وأنّ كل ما تريده هو انتزاع إعتراف بأنها رقمٌ رئيسيٌ في هذه المعادلة وأنّ إسماعيل هنية مساويٌ للرئيس الفلسطيني وأنه لا عودة لـ"الفتحاويين" إلى قطاع غزة.
وهكذا وبالطبع فقد كان لا بد من أن تفشل مناورة "حماس" هذه التي أرادها بعض مسؤولي حركة "فتح" كخطوة لإصلاح ذات البين واستعادة "الوحدة" الفلسطينية التي إذا أردنا قول الحقيقة فإنها لم تكن موجودة في هذا المجال وأنّ الإخوان المسلمين قد أطلقوا ما أسموه: "حركة المقاومة الإسلامية" بعد كل هذه السنوات الطويلة من إنطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة لتكون لهم السيطرة الكاملة على قضية فلسطين وهذا مع أنهم على مدى التاريخ النضالي الفلسطيني لم يطلقوا ولو مجرد رصاصة واحدة من أجل تحرير فلسطين وهذا كان قد دفع الشيخ تقي الدين النبهاني إلى الإنفصال عنهم "مبكراً" وتشكيل حزب التحرير الإسلامي الممنوع في كل الدول العربية وأيضاً في معظم الدول الإسلامية.