هناك مفاهيم مغلوطة تشرَّبناها في مدارسنا ومناهجنا وقُدِّمت لنا وكأنها مُسلَّمات ينبغي أن نتقبَّلها تماماً بلا أي مناقشة ولا جدال، على سبيل المثال؛ مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (نحنُ قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)، فهذهِ العبارة ليست قرآناً مُنزَّلاً ولم ترد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي هي اجتهاد من صحابي جليل وهي رأي خاص به، وإلاّ فإن العرب أُمَّة عزيزة قبل الإسلام وبعد الإسلام،

العرب في تاريخهم يُعدَّون رمز للكرم والوفاء والأنَفة والكبرياء، أنظر مثلاً إلى الأدب الجاهلي ستجد أن القصص والقصائد ممتلئة بكل ما يبرهن على ذلك.

كل مواطن عربي لا بد أن يؤمن تماماً بأن العرق العربي هو العرق الأنقى الذي اختاره الله واصطفاه، بدليل أن محمد صلى الله عليه وسلم هو خير الخلق، كما أن اللغة العربية هي اللغة الخالدة وهي لغة أهل الجنة، كذلك فإن اصطفاء محمد صلى الله عليه وسلم هو اصطفاء للعرب جميعاً. وهذا الفخر لا ينبغي أن يترتب عليه احتقار وازدراء للقوميات الأخرى.

نحنُ أولى من جميع الأمم المُتعصِّبة لقوميتها ولغتها، لابد من إحياء النزعة القومية العربية في نفوس الشعوب العربية التي باتت وبكل أسى تخجل من عروبتها بل أضحى الكثير يفتخر بحصوله على جنسيات غربية!

في الوقت الذي تسعى فيه تركيا إلى تعزيز هويتها والعودة إلى جذورها الطورانية ونشر ثقافتها وأسلوب حياتها عبر المسلسلات والأفلام والموسيقى، وفي الوقت الذي كانت إيران تسعى ولا تزال إلى سيادة القومية الفارسية؛ نجد من يطالب بإغلاق باب القومية العربية ونسيانها إلى الأبد، وكأن روح القومية العربية تتعارض مع روح الوطنية!
القومية العربية لا تعني ألَّا تنتمي إلى وطنك أو ألَّا تفتخر به، على العكس من ذلك تجدها تقوي الولاء للأوطان وعشقها وتعطي للإنسان العربي شعوره بالقوة والفخر أمام العالم أجمع وأنه ينتمي إلى أعظم قومية خضعت لها امبراطوريات عظمى على رأسها الامبراطورية الفارسية.

الشعوب العربية بدأت تدرك تماماً أنه لايوجد عدو للأمة العربية ولايوجد من يحقد على القومية العربية ويتمنى اندثارها سوى:

١.ايران: بمحاولتها وسعيها إلى إعادة أمجاد فارس ولكن بنزعة دينية شيعية إسلامية، وذلك لن يتم ويتحقق لهم إلا عن طريق إخضاع الشعوب والأوطان العربية.

٢.تركيا: بمحاولتها وسعيها إلى إحياء وإعادة أمجاد الدولة العثمانية ولكن بنزعة قومية تركية طورانية أكثر منها دينية، وذلك لن يتم أيضاً إلا عن طريق إخضاع الشعوب والأوطان العربية.
ما يبعث على التفاؤل هو أن العرب جميعاً باتوا يدركون أن الدين أصبح وسيلة يمتطيها هؤلاء للدخول والتغلغل في العمق العربي ومحاولة فصله عن ثقافته وقيمه العربية من خلال دغدغة مشاعره واللعب على وتر العاطفة الدينية.

إن ما يجب أن يعلمه بعض الشيعة العرب من أتباع ومؤيدي ولاية الفقيه، وكذلك بعض السنة العرب من أتباع ومؤيدي الخلافة العثمانية التي يعمل النظام التركي الحالي على إعادتها؛ أن الشيعي العربي(خليجياً كان أم عراقياً أم لبنانياً...إلخ) مجرد ورقة وجسر عبور ليس إلا، بل إن الملحد الإيراني بقوميته الفارسية أعز شأناً من الشيعي العربي في أعيُن النظام الإيراني!

كذلك السني العربي مجرد ورقة يستخدمها النظام التركي بصورة مؤقتة ثم سيرميها في القمامة(كما حدث مع كلَّاً من: أحمد بن راشد بن سعيِّد، وسعيد ناصر الغامدي) بل إن نظام أردوغان يرى أن المثليين طالما أنهم أتراك فهم أعلى قدراً من العربي المسلم السني الشريف والمنضبط أخلاقياً. ويجب أن يعلموا أيضاً أن الخلاف مع النظام الإيراني والتركي والدويلة التابعة لهما هو خلاف إنساني وديني وفلسفي وسياسي، إنساني لدعمهم للميليشيات والأحزاب المتطرفة التي قتلت ولا زالت تقتل الإنسان، وديني لاستغلالهم الدين لتحقيق أغراض سياسية دنيئة والتأثير على عواطف الشعوب العربية،

وسياسي لعملهم على زعزعة استقرار والتدخل في شؤون الدول العربية الأخرى، وفلسفي لأننا نتجه إلى الحياة من خلال السعي إلى تبنِّي الفلسفة العلمانية والليبرالية شيئاً فشيئاً، وهم يتجهون إلى فلسفة الخلافة الدينية والرجوع إلى الماضي.

من أراد الحياة والمستقبل فلينضم إلى المحور(السعودي الإماراتي المصري) والذي هو درع العرب وكيان العز والمجد، وسيزداد عزاً وشموخاً إذا انضم العراق العظيم قريباً إلى هذا المحور. ومن أراد الموت والماضي فلينضم إلى محور الشر(الإيراني التركي القطري) الذي يقف خلف كل خراب ودمار طال تلك الدول وشعوبها(العراق، لبنان، اليمن، سوريا، ليبيا).