يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ممارسة هوايته المفضلة في توظيف الدين واقحامه في خدمة مراميهو مشاريعه العدوانية والتوسعية في المنطقة من ليبيا إلى الخليج.

ففضلاً عن عربدته وغزواته العسكرية المباشرة لغير بلد في العالم العربي ونفخه الروح في العثمانية الجديدة وانكشارييها المرتزقة على ما هي حال فصائل الائتلاف السوري وجيشه "الوطني" أو " الحر" وياللنكتة لا يغيب عنه اللجوء لسياسات الاثارة ودغدغة المشاعر الدينية الإسلامية والمتاجرة بها والتلاعب بعواطف البسطاء لتمويه جموحه السلطوي العاري.

ولعل خير وأقرب مثال قراره الأخير بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد في عزف مكشوف على وتر التنابذات والحزازات الدينية سيما وأن الخلفية التاريخية تشير إلى كون رائعة آيا صوفيا كنيسة قبل الغزو العثماني وهكذا فالرجل يحاول استحضار الماضي الدموي العثماني وضخ الحياة فيه واسقاطه على الحاضر محاولاً تقمص دورالسلطان الفاتح الجديد الذي يقود الأمة ضد الكفار والصليبين وأعدائها والمتربصين بها في محاولة للتغطية على كنه سياساته القوموية التركية التوسعية الهادفة إلى بسط الهيمنة واسترقاق الأقوام الأخرى ونهب ثروات الدول المجاورة من النفط الليبي إلى العراقي وهلم جراً.

فأردوغان يتصرف بشعبوية فجة وعارية تنم عن نزوعه الغوغائي والتوتيري حيث افتعال المشاكل والمعارك البيئة الخصبة لانتعاش الخطاب الأردوغاني العصابي الذي يتوهم تركيا امبراطورية عظمى تبسط سيطرتها وسطوتها علىبلدان المنطقة وشعوبها ونحن في القرن الحادي والعشرين وكأننا عدنا القهقري لنحو أربعة قرون خلت حيث السيد التركي والرعية من بقية الأقوام والأمم.

والمؤسف أن هذا الاجراء التعسفي والذي يعتبر جريمة في حق التراث الإنساني الثقافي والجمالي يمر مرور الكرام على الصعيد الدولي لا بل أن ثمة غض طرف كي لا نقول مباركة مواربة لسياسات أنقرة هذه وإلا فكيف نفسر صمت عواصم بحجم واشنطن حيال الايغال التركي في إنتهاك القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان والتعدي على سيادات دول وكرامات شعوب لا بل وممارسة إبادات جماعية موصوفة وتطهير عرقي منظم على ما شاهدنا جلباً في عفرين ومن ثم فيسري كانييه ( رأس العين ) وكري سبي ( تل أبيض ) وغيرها من مناطق في كردستان سورية ومجمل الشمال السوري.

فما قد يبدو والحال هذه ولوهلة تحدياً أردوغانياً للغرب هو في الواقع تقاسم أدوار وتبادل مصالح ومواقع ومنافع فيسياق لعبة مضبوطة الايقاع ومسرحية هدفها اظهار أردوغان كبطل وكسلطان يلم شمل المسلمين والغاية بطبيعة الحال تسعير الصراعات والنفخ في قرب الحساسيات التاريخية والدينية والقومية والوقود دوماً شعوب هذه المنطقة المنكوبة بجنون السلطان القاتل هذه المرة ومن يوظفونه مداورة ومباشرة.