خمسة أفكار من كُنَّ فيه فهو متطرف أو على طريق التطرف (حتى وإن لم تظهر عليه الأعراض) لأن تلك الأفكار في حالة خمول ولم تنشط بعد لعدم توفر المناخ المناسب والإمكانيات اللازمة، هذهِ الأفكار ليست حكراً على المسلمين لوحدهم، بل كذلك اليهود والمسيحيين وغيرهم قد يُوجَد لديهم من يحملها ويتبنَّاها:

١.يرى جواز قتل الملحد أو من بدَّل دينه.

٢.ولاؤه عابر للحدود لأنه ينطلق من رؤية دينية عقائدية ويرى أن الوطن ليس إلا حفنة من تراب.

٣.يؤمن بمفهوم الحاكمية ويُكفِّر من يؤمن بالعلمانية والليبرالية.

٤.علاقته مع أي إنسان مرتبطة بمدى تديُّن الفرد المقابل، فلا قيمة لك عنده إن لم تكن وفق مقاييس دينه ومذهبه، حتى ولو كنت خلوقاً وإنساناً حقيقياً محب للخير ولجميع البشر، كل هذا لا يشفع لك. لذا تجده يكثر دائماً من كلمة: أحبك في الله أو أُبغضك في الله.

٥.يريد إلزام المجتمع وإخضاع أفراده لمعتقداته وما يلتزم ويؤمن به: لأنه يؤمن بالحجاب يريد إجبار نساء المجتمع على ارتداء الحجاب، لأنه يرى حرمة المشروبات الروحية يريد المجتمع يخلو تماماً منها.

لا تجعلهم يخدعونك بقولهم أن الليبرالية والعلمانية تعني أنك تعتنق دين آخر غير الإسلام، ليس هناك تناقض ولا ازدواجية، المسألة بكل اختصار ووضوح:

أ.مسلم أو مسيحي (هذا دينك الذي تؤمن به).

ب.سني أو شيعي أو أرثوذُكسي أو كاثوليكي(هذا مذهبك الذي تسير عليه في عباداتك).

ج.ليبرالي علماني(هذا منهجك الدنيوي لأنك على هذهِ الأرض التي تتشارك فيها وتعيش مع الآخرين بمختلف أديانهم ومذاهبهم وأفكارهم واتجاهاتهم).

وهذا المنهج الليبرالي العلماني على مستوى الأفراد يعني أن تقبل الآخرين كما هم ولا تُقحم نفسك بشؤونهم الخاصة ولا تعادي أحداً لأجل دينه أو مذهبه أو قناعاته وأفكاره طالما لا يترتب عليها ضرر واضح ومباشر.

وعلى مستوى الحكومات يعني أن يحظى جميع المواطنين بنفس القدر من الحرية والحقوق والمساواة والكرامة.
لتدرك أهمية الليبرالية العلمانية أنظر إلى لبنان والعراق إبان فترة عبدالكريم قاسم ورفيق الحريري رحمهما الله، كانا مضرب مثل في الجمال والرُقي، كل ركن في هذين البلدين كان ينبض بالحياة، المسلم الشيعي في العراق يتمنى عودة قاسم المسلم السني، والمسيحي الماروني في لبنان يتمنى عودة الحريري المسلم السني، ليس لأن قاسم والحريري كانا مسلمين سنيين! وإنما لأنهما يتبنَّيان النظام الليبرالي العلماني والذي من خلاله نال كل مواطن في العراق ولبنان حريته وحقوقه وكرامته.

قد لا تشعر بأهمية الليبرالية العلمانية إذا كنتَ من الغالبية التي تُشكِّل المجتمع ولستَ من الأقلية، ولكنك ستشعر بالضيق والألم والقهر لو كنت فرداً ينتمي إلى الأقلية ولم تحصل على حقوقك وحريتك وأنك في نظرهم مواطن درجة ثانية، على سبيل المثال في دولة الإمارات العربية المتحدة تجد أن الجميع فيها المقيم قبل المواطن يشعر بقيمته وأن دينه له احترامه وتواجده على أرضها؛ حتَّى الإنسان الهندوسي في الإمارات يستطيع أن يذهب إلى المعبد ويمارس شعائر دينه وهو آمن مطمئن مُعزَّز ومُكرَّم، رغم أن الهندوسية ليست ديانة يعتنقها الكثير بالمقارنة مع الإسلام والمسيحية واليهودية. إن وجود الإمارات في العالم العربي رحمة ونعمة وهبة من الله، منهجها القائم على الاتزان والانفتاح والتسامح جعلها بوابة ونافدة يتسلَّل منها النور شيئاً فشيئاً حتى يعم أرجاء الوطن العربي.

الإمارات من خلال تدشينها للمعبد الهندوسي أوصلت رسالة إلى العالم أجمع بأن هذهِ الأرض تعي قيمة وكرامة الإنسان وحريته، هذهِ الأرض لا مكان للتطرُّف فيها، من دخلها فهو آمن(ادخلوها بسلام آمنين) الإمارات لم تحترم فقط أصحاب الديانات السماوية، بل جميع الأديان تحظى بنفس المكانة والاحترام على أرضها الإنسانية(بلدةٌ طيِّبة وربٌ غفور)، لم تبالِ بردة فعل المتطرفين والأعداء، ليقولوا ما يقولوا عنها، تركت لهم الأقوال ولها الأفعال التي كان آخرها إطلاق مسبار الأمل الإماراتي.

كل انفتاح حدث ويحدث وسيحدث في أي بلد عربي فإنه نتيجة للسياسة الإماراتية الإنسانية، لذا أنا شديد التفاؤل بمستقبل الوطن العربي.