الجهة الوحيدة التي لا يحقُّ لها الإعتراض على الخطوة الإماراتية هي رجب طيب أردوغان كرئيس لتركيا وكمرشد عام للإخوان المسلمين؛ فالمعروف أنّ أنقرة مصطفى كمال أتاتورك كانت قد أقامت علاقات وبالطول والعرض مع إسرائيل منذ قيامها كدولة محتلة في فلسطين، وهذا مع أنها كانت جزءاً من دولة الخلافة العثمانية التي أطاحها وورثها أول رئيس تركي الذي بقي يسير على الطريق الذي سار عليه جميع الرؤساء الأتراك الذين جاءوا بعده وآخرهم هذا الرئيس الذي أصبح زعيماً "إخوانياً"..وأكثر من هذا في العالم كله.

ثمّ وإنه لو كان الإخوان المسلمون صادقون في حبهم لفلسطين والقدس الشريف وفي مقدمتهم الفلسطينيون وهذا على إعتبار أنّ "حماس" حركة إخوانية وأنّ إسطنبول "العثمانية" غدت مرجعيتها ومرجعية "إخوان" مصر أيضاً.. و"الإخوان" في كل مكان لكان عليهم ألاّ يصبحوا تابعين لرجب طيب أردوغان الذي ورث علاقات تركيا "الأتاتوركية" مع إسرائيل منذ اللحظة التي كانت أقامت دولتها في فلسطين وأختارت القدس عاصمة لها ثمّ في عام 1967 إحتلت فلسطين كلها وأحتلت "فوقها" سيناء كلها وأيضاً هضبة الجولان السورية.

وأيضاً فإنّ المعروف وحيث أنه لا يمكن "تغطية عين الشمس بغربال" كما يقول المثل العربي المتداول على نطاق واسع، أنّ قطر التي بادرت إلى حملة ليست "غضنْفريّة" وإنما مسعورة بعدما أقدمت "الإمارات" على خطوتها هذه التي أكدت على أنّ دافعها فلسطين والقضية الفلسطينية كانت قد بادرت "باكراً" إلى فتح أبواب الدوحة للإسرائيليين الذين بات أي زائر للعاصمة القطرية يسمع رطينهم في كل مكان في الشوارع والفنادق والمطاعم وفي المؤسسات الإعلامية .. نعم في كل مكان!!.

وحقيقة أنّ السؤال المحير فعلاً وحقاً وحقيقة، ممّن أرادت قطر (الشقيقة) حماية نفسها بإستعانتها بالإسرائيليين وبالأتراك وبالإيرانيين؟!.. ثم لماذا سكت الأتراك في عهد رجب طيب أردوغان وعهد من كانوا قبله على هذا الوجود الإسرائيلي في الدولة التي "تستضيف" قواتهم والقوات والأجهزة الأمنية الإيرانية!!.

ربما أنّ كثيرين لم يرتاحوا لهذه الخطوة الإماراتية لكنهم لم يفاجؤوا فالمؤكد أنّ الإمارات كعادتها لم تخف ما قامت به على العرب المعنيين، ويقيناً إنني أنا الإنسان البسيط الذي لا سلاح له إلا قلمه والذي مثله مثل العرب كلهم قضيته المقدمة على كل القضايا وما أكثرها هي القضية الفلسطينية، ولكنني وعند اللحظات الأولى شعرت لا بل وتيقنت أنّ إخواننا الأعزاء "الإماراتيين" من حقهم أنّ يقدموا على هذه الخطوة التي أقدموا عليها كغيرهم وأنّ هدفهم بالنسبة للقضية الفلسطينية هو "حلحلة" هذا "الجمود" الذي إستغله الإسرائيليون للمزيد من إبتلاع الأراضي الفلسطينية و"ضمها" والتوسع في بناء المستوطنات والإستمرار في حصار القيادة الفلسطينية في رام الله.

والمشكلة التي تزداد تعقيداً والتي يجب ألاّ تتواصل وتستمر هي ألا يكون هناك تفاهماً بين الأشقاء الفلسطينيين وبين "إخوتهم" في الإمارات فالمصارحة هي التي تغسل القلوب، كما يقال، والمؤكد أنّ دافع الإمارات هو إزاحة كل هذا الجمود الذي بات يخيم على القضية، وحقيقة أنّ أهم ما قاله وأكد عليه الأشقاء الإماراتيون هو: أنهم بالنسبة لمشروعهم هذا هو أن تقوم للفلسطينيين دولتهم المنشودة وعاصمتها القدس الشرقية، وهو أيضاً أنْ يستعيد الاشقاء الفلسطينيون الـ "30 في المائة" من الضفة الغربية التي كان الإسرائيليون قد سيطروا عليها وزرعوا فيها كل هذه "المستوطنات". وهذه مسألة تتطلب أن يتعزز التلاقي بين الأخوة الفلسطينيين وأشقائهم الإماراتيين وبخاصة أنّ هذه القضية باتت شديدة التعقيد وأنه لا بد من أن تكون الطرق كلها سالكة وآمنة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبين القيادة الفلسطينية.