بالتأكيد أنّ إسماعيل هنية كان لا يزال لم يدخل إلى العمل السياسي من البوابة "الإخوانية" في غزة لا بل أنه كان طفلاً عندما "رحل" ياسر عرفات (أبوعمار) من بيروت في الثلاثين من "أغسطس" عام 1982 بعد مواجهة "إسطورية" بالفعل مع إسرائيل التي كانت أعدت له ولبعض القادة الفلسطينيين الأساسيين" شباكاً" لتحملهم بطائرة مروحية إلى فلسطين المحتلة وتدور بهم فوق المستوطنات والمدن والقرى الإسرائيلية قبل إعدامهم بدون أي محاكمات لتقول للإسرائيليين إنّ الثورة الفلسطينية قد انتهت وإنه لا كفاح مسلحاً بعد الآن!!.
وبالطبع ولأن هنية لا يزال صغيراً فإنه لم "يعش" تلك المرحلة التاريخية وإنّ "الإخوان المسلمين".. إخوانه الآن وإخوان حسن نصرالله، ورجب طيب أردوغان وأيضاً إخوان الشيخ تميم بن محمد بن خليفة آل ثاني الذي أغلب الظن أن عمره في ذلك الزمان الغابر كان نحو عامين، كانوا كلهم حتى الفلسطينيين منهم مجرد متفرجين "يفركون" أكف أيديهم ببعضها بعضاً فرحاً بالتخلص من عرفات ورفاقه والتخلص من شيء إسمه: "الثورة الفلسطينية".
لكن طائر "الفنيق"، كما كان يردد (أبوعمار) عندما كانت تشتد عليه وعلى رفاقه وعلى الثورة الفلسطينية مصائب تلك المرحلة التاريخية الموجعة والقاسية، لا بد وأن ينهض من بين الجمر ومن بين ألسنة النيران مرات كثيرة.. وأذكر أنني سألته أي "أبوعمار" بعدما أقلعت السفينة التي أقلته وبعض إخوته من مرفأ بيروت الذي حوله "المتآمرون" إلى كومة من الحجارة والأتربة وقطع الزجاج، إلى أيْن يا قائد هذه الثورة المعجزة.. وكان جوابه التلقائي والفوري:..الله .. إلى فلسطين!!.
إن المفترض أنّ إسماعيل هنية كان أحد الذين إستجابوا لدعوة "أبومازن" وألتحقوا "تلفزيونياً" بإجتماع قيادي فلسطيني الذي كان قد عقد بـ "رام الله"..لكن ما أنْ إنتهى ذلك الإجتماع إلى لا شيء.. حتى ظهر قائد "حماس"، الذي هرب من غزة هاشم وأصبح متنقلاً بين "الدوحة" وطهران و"أسطنبول" وضاحية بيروت الجنوبية، وهو يرفع أصبعين من يده اليمنى بـ "إشارة النصر" في حين أنه كان يتكىء على كتف حسن نصرالله .. الذي يعتقد أنه "سيفلت" من جريمة مرفأ بيروت التي ستبقى تلاحقه إلى أنْ يدفع الثمن الذي يستحقه.
والمؤكد أن حسن نصرالله يعرف أن "هنية" قد غادر غزة، بعد إنقلاب حركة "حماس" على "فتح" ومنظمة التحرير وأيضاً على الرئيس محمود عباس (أبومازن)، لينضم إلى المسيرة "التآمرية" التي بات يقودها رجب طيب أردوغان والتي كان عليها أن تتوقف في طهران في ذهابها وإيابها.. لأن "المرشد" بحكم الدوافع والإستحقاقات الطائفية.. والمذهبية لا يقبل أن تكون قيادة هذا الركب الذي يشبه: "طبيخ الشحاذين" للرئيس التركي الذي أصبح مرشداً أعلى لـ "الإخوان المسلمين" والذي من الواضح أن "عثمانيته" قد استيقظت بعد كل هذه السنوات الطويلة.. ليس حباًّ بالعثمانيين الذين شطب مصطفى كمال (أتاتورك) ذكرهم من كتب التاريخ.. وإنما حباًّ بـ "نفط" و"غاز" ليبيا التي تخلصت من "جماهيريتها" وعادت، بقدر الإمكان، إلى إيجابيات المرحلة "السنوسية"!