الأفكار مثل النباتات كائنات حية لا تنبت في الفراغ بل في بيئة مناسبة لنوع النبات فالورود لها تربتها و النباتات الخشنة مثل الصبار لها بيئتها فالفكرة تقود إلى العمل و هي الأساس النظري له.

كما أن الشعوب بعضها يهتم بالأفكار و يعتني بها و البعض يهملها و لا يعيرها اهتماما.

فالعناية بالنباتات ثقافة متجدرة في شعوب دون اخري. نقل الفكرة خارج بيئتها أشبه بنقل النبتة خارج تربتها لا تنمو و لا تكبر بل تذبل و اخيرا تنتهي و تموت.

ذلك تماما ما حدث لنقل أفكار مثل الديمقراطية التي نشأت في تربة العصر الصناعي لم يجد نقلها للعصر الرعوي رغم اكتشاف النفط الذي أسس لاقتصاد ريعي و ليس اقتصاد معرفة. فاقتصاد المعرفة يقوم على R& D و على سوق يحول الفكرة الي منتج يباع في الأسواق و ليس نظرية يحفظها الطالب تم ينساها بمجرد حصوله على الشهادة العلمية التي تحولت إلى مستوي اجتماعي.

اكثر منها شهادة بقدرة الطالب على البحث و التطوير و حل مشاكل البيئة حوله التي من أجلها تأسست المدارس و الجامعات. بدلا من إنتاج قوالب متشابه من خريجي المدارس و الجامعات التي تصرف عليهم المليارات لتعليمهم و مليارات لإيجاد عمل لهم بدلا من يصنعوا هم الثروة و يؤسسوا القيمة المضافة و ثراكم الثروة . و إدارة موارد البلد إدارة جيدة.
لقد عاش العرب تاريخيا في بيئة مختلفة تمام.

تربة يعيش و يترعع فيها الكلام و اللغة و البلاغة و الشعر. فقد كان سوق العرب الكلام و الشعر مثل سوق عكاظ.

و رغم أن القرآن خاطب العرب بلغتهم و بدلا من فهم القران و احتواء الإسلام لهم الذي ربط العبادة بالإيمان و العمل الصالح في مواضع عدة من القرآن الكريم الا انه ظهر لنا قوم هم من احتوا القرآن و أصبحوا يبيعون الكلم بثمن قليل و تشكل الخطاب الديني الذي ابتعد عن الدين القويم و آيات الله المحكمات الا من رحم ربي.

قل تعالى (افلا تتفكرون) الأفكار موجودة ولكن تحتاج لتربة و بيئة لها و مناخ تعيش فيه و هو مناخ الحرية حتى يستفيد منه من يعمل عقله تفكيرا ليقتنص هذه الافكار التي تسبح في هذا الكون.

فالفكرة تبدأ بالادراك و الحاجة للتفكير الصحيح في البيئة الصحيحة. بدلا من نقل أفكار من بيئة اخري لا تتناسب مع الفكرة فلا يمكن أن تنموا الفكرة و تعيش فيها.
و بسبب لكل ذلك نجني اليوم الحصاد المر من غياب تربة العلم و الفهم الخاطيء للمفاهيم من الدين و العلم إلى الديمقراطية و الحداثة و الدولة المدنية.