يكثر الحديث في هذه الأيام عن الشرق الأوسط الجديد وهذا بالطبع بعد العلاقات المستجدة بين دولتين عربيتين هما: "الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين" وإسرائيل وأكثر العازفين على هذا الوتر هم الأميركيون وتحديداً الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصهره جاريد كوشنر وأيضاً بنيامين نتنياهو الذي من المعروف أنه دأب على الحديث بل والتغني بـ "صفقة القرن" التي هي أسوأ ما تم الترويج له من حلول للأزمة الشرق أوسطية منذ عام 1967 وبعد ذلك وبخاصة بعد إغتيال الإسرائيليين لزعيمهم إسحق رابين وإنتقال القرار إلى اليمين الأكثر تطرفاً حتى بعد كل هذه التطورات التي شهدتها والتي ستشهدها هذه المنطقة.

ولعل ما يشير إلى ما هو هذا الشرق الأوسط الجديد الذي دأب الرئيس الأميركي ومعه صهره جاريد كوشنر ومعهما بعض العرب على "التبشير" به هو ما جاء في "صفقة القرن" هذه التي لم يتوقف دونالد ترمب عن الترويج لها رغم كل هذه المستجدات الأخيرة ورغم أنّ المفترض أنه يجب أن يأخذ بعين الإعتبار أنّ "صفقته" أو "صفْعته" هذه لم يعد من الممكن ترويجها وأنّ إلتحاق بعض الدول العربية بهاتين الدولتين العربيتين يتطلب أنْ يتخلى الإسرائيليون والأميركيون عن "حلولهم" الشرق أوسطية الأخيرة.

إن إستبدال هذا: "الشرق الأوسط" بشرقٍ أوسطٍ جديد يتطلب حلاًّ مقبولاً لهذه القضية أي إستعادة كل ما جاء في إتفاقيات "أوسلو" المعروفة وما جرى التأكيد عليه في قمة واشنطن في عام 1995 والمفترض أنه معروف أن ما جاء في هذه الإتفاقيات هو قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة.. وأيضاً وبالطبع كنيسة القيامة ومسجد عمر بن الخطاب وكل ما لم يكن محتلاًّ في الخامس من يونيو (حزيران) في هذا العام المشار إليه .

ويقيناً أنّ هذا "الشرق الأوسط" الجديد المطلوب، الذي من المفترض أنّ الفلسطينيين يريدونه وأنّ العرب غير التابعين لـ "الولي الفقيه" في طهران يسعون إليه، لا يمكن أن يكون بدون حلول مقبولة لا علاقه لها بـ "صفقة القرن" هذه ولا بما بقي اليمين الإسرائيلي يطرحه ويصر عليه وبخاصة بعد إغتيال إسحق رابين الذي كان بطل حرب يونيو (حزيران) بالنسبة للإسرائيليين والذي من المعروف أنه قد تغير "جذرياًّ" وبات على قناعة بأنه لا مستقبل للإسرائيليين في هذه المنطقة ما لم يكن للفلسطينيين دولتهم "المنشودة".

والواضح في هذا المجال أنّ "ترمب" ومعه صهره "كوشنر" ومعظم رموز هذه الإدارة الأميركية لازالوا "يتلعثمون" و"يتأتون" كثيراً وهم يتحدثون عن هذه المسألة الأساسية والرئيسية التي بدونها لا يمكن أن يكون هناك حلاًّ سلمياًّ ولعل ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ المرشح الديموقراطي جو بايدن وخلافاً لتوجهات "الجمهوريين" قد هاجم سياسة التوسع الإستيطاني والإستمرار في الحديث عن "ضم" الأراضي الفلسطينية وأنه قد قال في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الأمريكية وغير الأميركية بأنه سيعارض هذا "الضم" إنْ هو فاز بالرئاسة وأنه سيجدد الحوار مع الفلسطينيين وسيعيد الدعم المادي لهم وأنه سيفتح مجدداً قنصلية بلاده في القدس الشرقية.. إنّ حل الدولتين هو الطريق الوحيد لضمان حق الفلسطينيين بدولتهم من جهة وضمان أمن إسرائيل من جهة أخرى على المستوى البعيد.. لقد زعزع ترمب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وهو يعمل على تقويض الأمل بحل الدولتين.