حتى لو كان هناك "ألف" ترامب و"ألف" نتنياهو فإنه لا يمكن شطب قضية فلسطين وإلغاءها فهي قضية تسكن ضمير كل عربي وكل مسلم وضمير كل من هو مع حقوق الشعوب المظلومة في الكرة الأرضية وهذه هي مسيرة التاريخ متوفرة لمن يشك في هذه الحقيقة ويقيناً أنه لا يمكن أن يشك بها إلاّ إما من هو بلا ضمير إنساني أو من هو عميل ومأجور وليس له علاقة لا بحركة التاريخ ولا بالمسيرة الإنسانية التي باتت "مراجعها" متوفرة بالنسبة لهذه القضية ليس بعد إحتلالها في المرة الأولى وفي المرة الثانية وإنما منذ بدأت تمر بها موجات متلاحقة من الغرباء الطامعين الذين كلهم زالوا كما تزول غيوم الشتاء في بدايات صيف شمسه ساطعة.

ربما أن هناك من يعتقد أنّ الشعب الفلسطيني بعد كل هذه التطورات المتلاحقة يمر بلحظة تاريخية "مريضة" لكن يجب إدراك أن معظم فلسطينيي عام 1948 الذين كانوا أخرجوا من ديارهم بمؤامرة كبرى ما لبثوا أن ألتقطوا أنفاسهم وأستعادوا مسيرتهم الوطنية وأيضاً القومية فكانت هناك بدايات إلتقاط الأنفاس الوطنية وأيضاً القومية فكانت هناك حركة "فتح" التي هي بدايات الرصاص وبدايات مسيرة الشهداء التي لم تتوقف ولا للحظة واحدة منذ عام 1965 وقبل ذلك وحتى الآن.

كان بعض كبار القادة عندما يشتد عليهم ضغط المؤامرات، وهذا كان مراراً وتكراراً وسابقاً ولاحقاً وحتى الآن: "يدبون" الصوت " يا وحدنا" ولكنهم كانوا وبإستمرار يستعيدون ثقتهم بأنفسهم وبشعبهم وهناك من يقول وأيضاً بأمتهم وبالعدالة الإنسانية في العالم بأسره وحقيقة أنّ هذا هو ما يحدث الآن في هذه اللحظة التاريخية التي يعتقد البعض أنها مريضة والتي هي في حقيقة الأمر في ذروة التجلي الوطني وفي ذروة حضور فلسطين ومسيرة شهدائها على الأرض الفلسطينية كلها وحتى في قلوب الأطفال الفلسطينيين الذين غادرهم أباؤهم إلى الشهادة من أجل التراب الفلسطيني المقدس الذي من أجله بقيت تتلاحق قوافل الشهداء على مدى تاريخ طويل بدأ مع بدايات بناء أول "مدماك" في القدس التي كانت عربية – فلسطينية والتي ستبقى فلسطينية وعربية.

إنّ هذا ليس هو الحصار الوحيد الذي أطبقت أنيابه على فلسطين وعلى القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني والمعروف لمن يريد أن يعرف أن مسيرة هذا الشعب السابقة واللاحقة كانت ولا تزال مسيرة عطاءات وشهداء وأنّ "أبوعمار"، رحمه الله، كان في بعض الأحيان عندما يشتد عليه الحصار يطلق صرخة مدوية: "يا وحدنا" لكنه كان دائماً وأبداً يتراجع ويقول: إننا لسنا وحدنا.. مادام أنّ هذا الشعب العظيم هو شعبنا ومادامت أن هذه الأمة هي أمتنا ومادام أن أصحاب الضمائر الحية في الكون كله معنا ومع قضيتنا التي هي قضية عادلة ومقدسة.

والمعروف أنّ الأمور قد وصلت ببعض من كانوا يسيطرون على إحدى القمم العربية، التي هي قمة بيروت الشهيرة، أنْ حالوا دون إستقبال رسالة الإستنجاد التي كان قد بعث بها: "أبوعمار" من تحت الحصار في مبنى المقاطعة في رام الله .. لكن ومع ذلك فإن المسيرة الجهادية والنضالية قد تواصلت وأستمرت حتى بعد إغتياله بالسم الزعاف.. وهي ستستمر طالما أنه لا يزال هناك عرباً أصلاء وأن فلسطين تواصل إنجاب قوافل الشهداء.. وهي ستواصل إنجاب قوافل الشهداء كما كان سابقاً ولاحقاً وإلى أن يعود هذا الوطن المقدس إلى أهله وإلى أمته وإلى صاحب كل ضمير حي في الكرة الأرضية.