ليس سرا انه ومنذ ان قام رئيس وزراء العراق الأسبق حيدر العبادي بحملته العنصرية والطائفية العسكرية الهمجية وإعادة احتلال كافة المناطق الكوردستانية المعرفة دستوريا بالمناطق المتنازع عليها (كما نصت على ذلك المادة 140 من الدستور العراقي الاتحادي) بما فيها مدينة كركوك، والحكومات العراقية المتعاقبة تواصل تنفيذ نفس السياسة العنصرية ضد شعب كوردستان واراضيه ولم تتخذ أي اجراء لسحب قواتها العسكرية من المنطقة (في مخالفة أساسية للدستور العراقي الذي يمنع اقحام هذه القوات في مثل هكذا خلافات) وواصلت ولا تزال تواصل سياسة التعريب العنصرية وتغيير الواقع القومي للمنطقة ومحاولة احكام سيطرتها العسكرية عليها تماهيا وتماشيا وتنفيذا لأطماعها العنصرية والطائفية من جهة ومن جهة أخرى توسلا مخزيا لإرضاء قوى إقليمية معروفة بعدائها لكل ما هو كوردي وكوردستاني.
ما سبق كان السبب وراء البيان الشديد اللهجة لرئيس حكومة إقليم كوردستان حول الأوضاع في كركوك ففي الوقت الذي استنكر استمرار هذه السياسة العنصرية والطائفية المتخلفة ورفضها جملة وتفصيلا دعا الدولة العراقية الى اتخاذ الإجراءات الحازمة لوقف هذه العمليات المنظمة لتغيير الواقع القومي كما طالب بعثة الأمم المتحدة ( بالتدخل لإيقاف هذه الانتهاكات الخطيرة بحق المواطنين الأصليين من إقصاء وتهميش، إدارياً وعسكرياً وأمنياً، وسلب أراضيهم الزراعية وممتلكاتهم وتهجيرهم من قراهم، ونؤكد مرة أخرى بأن فرض هذه السياسة سيؤثر على السلم المجتمعي في هذه المناطق التي نريدها مكاناً للتعايش السلمي والأخوي بين جميع مكوناتها).
من الواضح ان استمرار تنفيذ السياسة العنصرية لتغيير الواقع القومي في المناطق الكوردستانية المسماة ب (المتنازع عليها) ظلما وعدوانا، ستؤثر حتما على ا(لسلم المجتمعي) كما وصفها بيان رئيس حكومة إقليم كوردستان وستؤدي عاجلا ام اجلا الى صراع دموي فالكورد الذين حرموا من أراضيهم ومزارعهم وممتلكاتهم والذين يعانون من حرمانهم في إدارة شؤون مناطقهم بما فيها مدينة كركوك، لن يقفوا طويلا مكتوفي الايادي امام هذا الغزو والاحتلال العنصري الكريه والمرفوض قطعا.
لقد ان الأوان للدولة العراقية ولحكومتها فيما إذا كانت ترغب في شراكة كوردستانية حقيقية في العراق الاتحادي ومصالحة وطنية شاملة ووضع الأسس الرصينة للهوية الوطنية الجامعة ان تحل مشكلة المناطق المسماة بالمتنازع عليها وتطبيق المادة 140 الدستورية بهذا الخصوص وإعادة الحق لأصحاب الأرض الكورد وسحب القوات العسكرية من المنطقة ووضع حد للإجراءات التعسفية وتصرفات بعض المسؤولين في محافظة كركوك والذين فعلا ينفذون اجندات إقليمية بعكس مصالح العراق الأساسية وفي مخالفة صريحة تماما مع بنود وروح الدستور العراقي الاتحادي.
ان مواصلة سياسة تغيير الواقع القومي في كركوك والمناطق المسماة بالمتنازع عليها لن تغير حقيقة كوردستانيتها وقد سبق وان جرب النظام الدكتاتوري المقبور أعنف الأساليب وأكثرها همجية ضد شعب كوردستان وفي اللحظة التي انهار فيها انهارت كل مخططاته لتغيير الواقع القومي في المنطقة ولاذ مرتزقته بالفرار تتبعهم اللعنات الى الابد.
دعوة الأمم المتحدة للتدخل تحمل أكثر من رسالة لمن يعنيه الامر وعلى الحكومة العراقية الاتحادية الحالية اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة فمن أولى واجباتها انهاء الحيف والضرر الذي لحق بشعب كوردستان وحماية حقوقه المشروعة واحترام ارادته الذي يشكل ثاني قومية رئيسة في البلاد وليس إرادة القوى الإقليمية المعروفة التي تتحين الفرص للانقضاض على البقية الباقية من البلد ولا هم لديها غير نهب ثروات العراق والاستغراق في هلوسة إعادة بناء الامبراطوريات الخرافية التي أصبحت في ذمة التأريخ ولا رجعة لها.