في ظل كل هذا "الإحتباس" الشديد في عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية وفقاً لإتفاقيات "أوسلو" المعروفة التي هناك قناعة لدى معظم الفلسطينيين ومعظم الإسرائيليين وغيرهم بأنها قد دفنت في القبر الذي دفن فيه إسحق رابين فإن هناك من يرى أنه لا حل إطلاقاً إلا حل أن تكون هناك دولة واحدة بين البحر الأبيض المتوسط غرباً ونهر الأردن شرقاً وبالطبع وبالإضافة إلى قطاع غزة وحقيقة وبكل صراحة أن هذا "الطرح" واقعي جداًّ وأنه بعد تجارب الأكثر من إثنين وسبعين عاماً الفاشلة لا بد من التحلي بالواقعية وبالجرأة و"الطرح" وبكل جدية بأنه وبعد كل هذه الإستعصاءات في كل ما طرح من حلول لا بد من هذا الحل الذي بات من الواضح أنه لا حل غيره.

إنه لم يعد مقبولاً وأيضاً ولا ممكناً أن يتكرر ذلك الكلام السخيف والجنونيالقائل بإلقاء الإسرائيليين في البحر فأولاً لأنه غير ممكن لا سابقاً ولا الآن ولا في المستقبل وثانياً لأنه غير ممكن وعلى الإطلاق أن يقبل العالم القريب والبعيد بهكذا جريمة ومع الأخذ بعين الإعتبار أننا عرباً وفلسطينيين لا زلنا ندين ونرفض مذابح النازيين ضد اليهود حتى بعدما كانت هناك مؤامرة عام 1948 بإخراج الشعب الفلسطيني من الجزء الأكبر من وطنه وإحلال محله هذه الدولة الإسرائيلية التي لا يزال بعض قادتها ورموزها يرفعون ذلك الشعار البائس: "من النيل إلى الفرات".

وهكذا وعندما يكون هناك كل هذا الإستعصاء الذي مرّ عليه إثنين وسبعين عاماً وعندما "يعجز" العالم المعني، أي الولايات المتحدة والغرب الأوروبي، عن تطبيق: "إتفاقيات أوسلو" التي كان قد جدد إبرامها مع الفلسطينيين في واشنطن عام 1995 إسحق رابين ودفع حياته ثمناً لهذا على يد متطرف إسرائيلي من المؤكد أن بنيامين نتنياهو هو من كان يقف وراءه فإنه لا بد من التفكير جدياًّ في حلٍّ على غرار ذلك الحل الذي جرى في جنوب أفريقيا في عام 1990 أي أن تكون هناك دولة واحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، عاصمتها القدس بشقيها ،الغربي والشرقي، كتلك الدولة التي لا تزال صامدة وعاصمتها "كيب تاون" للمستوطنيين وأهل البلاد "الأصليين" والبعض يقول: للبيض والسود على حدٍّ سواء!!.

إن هناك الآن نحو مليونيْ فلسطيني في إسرائيل، أي في الأرض المحتلة منذ عام 1948 حتى لا يغضب بعض المتشددين، وأنَّ هؤلاء يمثلهم "14"نائباً في "الكنيست" (البرلمان) الإسرائيلي وهذا يعني أن هناك إمكانية حقيقية وفعلية لحل الدولة الواحدة الإسرائيلية – الفلسطينية وبالطبع فإنّ هذه الدولة ستكون دولة ديموقراطية بالتأكيد وستكون أحزابها مشتركة بين الشعبين وحقيقة إنْ حصل هذا الذي وبالتأكيد أنه ستعترض طريقه عقبات وصعوبات كثيرة فإن هذا الكيان الجديد سيكون أهم كيان في هذه المنطقة الشرق أوسطية.. إنْ إقتصادياً وإن ديموقراطياً وأيضاً وإنْ حضارياًّ..وكل شيء.

وبالطبع فإنّ تحقيق هذا "المطلب" سيكون في غاية الصعوبة فهناك عقبات وموانع كثيرة وهناك مقابل "الليكود" الإسرائيلي "حماس" الفلسطينية ومن معها وهناك المحشوة رؤوسهم بالأوهام في الجانبين وهناك الذين سيلوحون بقبضاتهم من الطرفين وهناك الدول المستفيدة من هكذا صراع بلا نهاية لكن ومع ذلك ومادام أنه ثبت بعد أكثر من سبعين عاماً أنه لا حلّ إلا هذا الحل فإنه على العقلاء، وإنْ هنا وإنْ هناك، أن يفكروا به جدياًّ وأن يأخذوا العبرة من جنوب أفريقيا التي لولا هذا الحل الحضاري المعقول الذي توصل إليه الطرفان لكانت شلالات الدماء متواصلة حتى الآن.. ولكان هذا البلد العظيم قد أصبح أفقر وأسوأ بلد في الكرة الأرضية!!.