أيا كانت الجهات التي تقف وراء اختيار السيد مصطفى الكاظمي رئيسا لمجلس وزراء العراق، هذا ان وجدت، فالرجل في موقف لا يحسد عليه وليس في مقدوره، حتى وان أراد ذلك، ان يجري أي تغييرات جذرية لصالح بناء أسس دولة القانون والمؤسسات ووضع حد لانهيار الدولة وتفككها الحتمي، فهو لا يملك قاعدة شعبية ولا حزب سياسي يدعمه ولا مليشيات مسلحة تدافع عنه كما هو الحال مع أكثرية مراكز القرار في بغداد وكان ترأسه لمجلس الوزراء نتيجة لخلو المنصب وعدم اتفاق مراكز القرار على مرشح تسوية مقبول.

رئيس الوزراء العراقي يقود كيانا منقسما على الأرض لا يجمع مكوناته أي جامع وقد تحول الى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية ومرتعا للمليشيات والعصابات المسلحة المرتبطة بهذه الجهة او تلك، حتى القوات المسلحة العراقية موزعة بين ولاءات مختلفة ومن المشكوك فيه ان يكون لها أي دور في ضبط الامن وتوفير الاستقرار ومساندة حكومة السيد الكاظمي فيما إذا احتاجها.

ان احتدام الصراع الإقليمي والدولي على الساحة العراقية قد دفع بالجارة ايران، التي تعتبر العراق ولاية إيرانية، الى استنفار كل قواها وقدراتها ودفعها باتجاه السيطرة التامة على مقاليد الأمور وهي لن تقبل بعد الان الا بالولاء المطلق لها وترفض حتى المحسوبين عليها والمرتبطين بها من الذين يملكون قدرا من الاستقلالية فالعراق وفق الحسابات الإيرانية هو المنطقة الرخوة في خاصرة التواجد الأمريكي ومن الممكن ان يكون مفيدا لإيران في صراعها مع الشيطان الأكبر ولذا وبالعودة الى وضع السيد رئيس وزراء العراق وحكومته فهو لا يملك حرية الحركة الا في حدود ضيقة جدا وعلى ان لا تتعارض مطلقا مع السياسة الإيرانية وصراعها مع الولايات المتحدة الامريكية وما يزيد الطين بلة ان حكومة السيد مصطفى الكاظمي مهددة أيضا من تفاقم الصراع الشيعي ـ الشيعي بعد ان كان الصراع الطائفي والقومي محصورا بمعاداة السنة العرب وشعب كوردستان.

الصراع الإقليمي والدولي والهيمنة الإيرانية والتهديد الأمريكي بالانسحاب من المشهد وتعمق الازمات المالية والاقتصادية كلها مؤشرات على انهيار الدولة العراقية وبقائها الشكلي مرهون بإرادة الاخرين وليس بإرادة مكونات العراق التي عليها ان تعيد النظر في حساباتها ومصالحها والاتفاق على التقسيم الودي وهو الحل الوحيد الممكن الذي يخرج السنة والشيعية والكورد من الواقع المأساوي المزرى الذي تعيشه.
ان اقصى ما يستطيع السيد مصطفى الكاظمي ان يقوم به، خاصة مع غياب الدعم الدولي، هو تسيير أمور اللادولة فمن غير الممكن ان يصلح السيد الكاظمي ما أفسده الاخرون ولا ان يلغي النتائج الكارثية المترتبة على الجرائم المقترفة بحق السنة العرب والاحتلال العسكري لكوردستان ومحاصرتها اقتصاديا ولا حتى ان يقف بوجه انفجار الصراع الشيعي ـ الشيعي المتوقع.
[email protected]