إذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا يهتم ولا يدرك أن أي إساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم هي إساءة للمسلمين في أربع رياح الكرة الأرضية فإنه لا يستحقُّ أنْ يكون رئيساً لهذا البلد، فرنسا، الذي كان احتل استعماريا العديد من الدول الإسلامية ومن بينها الجزائر العظيمة، التي استردّت حتى آخر ذرة من تراب وطنها الذي كان احتله الفرنسيون احتلالاً إلحاقياً لمائة وثلاثين عاماً، والذي حرّره أهله بكفاح بطولي قدم فيه أكثر من مليون شهيد من المؤكد أنّ أرواحهم قد ارتجفت في مهاجعها المقدسة وكأنها رفعت راية الجهاد المقدس مرة ثانية.

إنه على ماكرون، مادام أنه رئيس دولة تقول أنها أقرب الدول الأوروبية إلى إدراك وفهم القيم الإسلامية، ألّا يتصرف بطريقة "زعران" أحياء باريس الضيقة، وأن يدرك أنّ الإساءة إلى رسول أكبر وأعظم الأديان السماوية هي إساءة إلى المسلمين من منهم في قبورهم الدارسة والحديثة ومن منهم من لا يزالون أحياءً، والمفترض أنها إساءة أيضاً للنصارى المسيحيين ولليهود لأنّ الاسلام لا يفرق بين أديان التوحيد الثلاثة التي هي من المفترض أن اليهود والمسيحييين يلتقون بالمسلمين عند سيدنا إبراهيم.

إنه ليس ذنبنا ولا ذنب المسلمين ألّا يفرّق هذا الرئيس الفرنسي بين ما يدعى "الإسلام السياسي" والإسلام الصحيح، وحقيقة أنّ الرئيس الفرنسي قد استهدف الإسلام الحقيقي وذلك في حين أنه كان عليه أنْ يطفيء النيران التي اشعلها متعصبٌ من أصل غير عربي بقطع عنق أحد الفرنسيين، كما كان عليه أن يدرك أنّ رجب طيب أردوغان هو رئيس الدولة التركية وليس رئيس المسلمين كلهم، وأنه أي الرئيس التركي لم تصدر عنه أي اساءة لا للمسيحيين ولا للدين المسيحي وأيضاً ولا للدين اليهودي وذلك على إعتبار أن المسلمين يضعون الأديان السماوية كلها على قدم المساواة.

وهنا فإنه يجب على رئيس دولة عظمى يشكل فيها المسلمون رقماً رئيسياً وفاعلاً أنْ لا يدّعي بأن الإسلام يمر بأزمة في جميع أنحاء العالم، وحقيقة أنه هو من يمرُّ في مثل هذه الأزمة وأنه كان عليه أن لا يتجاوز الشتائم الشخصية في مواجهة رجب طيب أردوغان إذ أنّ المعروف والمؤكد أن الرئيس التركي لا يمثل لا الإسلام ولا المسلمين وذلك في حين أنه هو لا يمثل لا المسيحيين ولا المسيحية.

ثم وأنه يجب أن يتركز كل هذا الغضب على ماكرون وحده فالشعب الفرنسي الذي يشكل فيه المسلمون رقماً أساسياً فاعلاً من المؤكد أنه وبأغلبيته ضد ما صدر عن رئيسه هذا وأنه يرفض هذه الألاعيب الصبيانية من رئيس دولة تشكل إحدى الدول الخمس الكبرى في العالم بأسره، وأنه كان عليه أن يتعامل مع رجب طيب أردوغان كرئيس للدولة التركية وليس ممثلاً لا للإسلام ولا للمسلمين فالإسلام أكبر كثيراً من تركيا كما أن المسيحية أكبر كثيراً من فرنسا.. المفترض أن تطوى هذه الصفحة نهائياً.. فلنا أشقاء مسيحيون في وطننا العربي الكبير لهم ما لنا وعليهم ما علينا والمؤكد أنهم قد غضبوا من "صبيانية" هذا الرئيس الفرنسي أكثر مما غضب المسلمون، وهنا فإن الدين لله وأن الوطن للجميع.. وأن الرئيس الفرنسي قد أساء لفرنسا والفرنسيين أكثر مما أساء للإسلام العظيم والمسلمين.