أجاد رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو بوصفه للرئيس رجب طيب أردوغان بأنه أخطر من "فايروس كورونا" على تركيا وأنه وأسرته هم أكبر "مصيبة حلّت على شعبنا"، وحقيقة أنه أكبر مصيبة قد حلّت على هذه المنطقة كلها، وإلاّ ما معنى أنْ تصبح هذه الدولة، التي أخرجها مصطفى كمال أتاتورك من جلبابها العثماني وحوّلها إلى دولة علمانية، تتصرّف على أساس أنها استعادت أمجاد العثمانيين ومكانة إمبراطوريتهم العثمانية التي من المعروف أنها قد إنتهت نهاية مأساوية وأنها قد فقدت وإلى الأبد ماضيها وحاضرها وتحوّل من بقي من رموزها إلى متسوّلين إنْ في بلدهم وإنْ في بعض الدول المجاورة وإنْ في العالم بأسره.

كان أردوغان قبل أن يصاب بـ "فايروس" العظمة السياسية ويتصرف على أنه "خليفة" الدولة العثمانية ووريث أمجادها عندما كانت في ذروة تألقها وقبل أن تنتهي تلك النهاية المأساوية في بدايات عشرينات القرن الماضي يستند إلى عدد من القامات السياسية والإقتصادية الفاعلة من بينهم بالإضافة إلى أحمد داود أوغلو الرئيس السابق عبدالله غول الذي وجه إلى "زميله" السابق إنتقادات سياسية وإقتصادية قاسية جداًّ وقال أنه يدير الدولة بالمؤامرات وتعديل الدستور على نحو متكرر، والمعروف أنّ غول قد وصلت خلافاته مع الرئيس الحالي، كغيره من القادة الأتراك السابقين، خلال الأعوام الثلاثة الماضية إلى ذروتها!!.

وخلافاً لـ "علمانية" تركيا التي كان مصطفى كمال "أتاتورك" قد إستبدل بها "عثمانية" كانت قد وصلت الإنهيار والإهتراء وتحولت إلى عبء ثقيل على الأتراك وعلى هذه المنطقة كلها فإنّ رجب طيب أردوغان لم يكتف بتحويلها من النظام الديموقراطي إلى النظام الرئاسي، لا بل إلى النظام العثماني وعلى أساس أنه "أمير المؤمنين". ولعل ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنّ الرئيس التركي قد أصيب بهذه اللوثة الإستعلائية عندما أختير مرشداً أعلى للإخوان المسلمين وأصبح: "ولياًّ فقيهاً" على غرار الولي الفقيه في إيران؛ أيْ يحق له ما لا يحق لغيره.

وهكذا فإنّ تركيا التي حولها أردوغان من "الأتاتوركية العلمانية" إلى "العثمانية" عندما كانت في أرذل مراحلها باتت تتدخل تدخلاً سافراً في شؤون إنْ ليس كل فمعظم دول هذه المنطقة من ليبيا "الجماهيرية" في إفريقيا إلى أقصى حدود العراق "كردستان العراقية" مع إيران وهذا بالإضافة إلى تدخله في شرقي البحر الأبيض المتوسط وبالطبع في سوريا وفي " ناغورني كاراباخ" والتحشيد المتواصل لشنّ حرب على أرمينيا.. على إعتبار أنّ أذريبجان جزءٌ من أملاك إمبراطوريته العثمانية.

لكن على أردوغان أن يدرك أن هناك مثلاً عربياًّ يقول: "ما طار طير وأرتفع إلاّ كما طار وقع" والمؤكد أنّ "وقوع" الرئيس التركي بات قريباً طالما أنّ حتى من كانوا رموز حزبه قد باتوا أحد ألدّ أعدائه وأنّ الشعب التركي لم يعد يطيق ألاعيبه وتصرفاته الإمبراطورية.