فرق كبير بين المعرفة التي تجدد نفسها و الايدلوجيا الجامدة.. فمن المسلم به ان الأيديولوجيا لا تنتج خطابا مضادا لها.. و رغم الدور المهم للادلجة في التعبئة وراء المشروع السياسي.. الا ان مشكلتها عدم خلق وعي نقدي خاص بها مثل المعرفة الذي يصحح انتاجه و يتجاوز أخطائه و بذلك يتجدد و لا يتجاوزه الزمن .
كما ان مشكلة طرح الأدلجة انها تصل الي نهايات دون مقدمات صحيحة .. و بينما يطرح العقل انتاجه في الاطار النسبي ترى الادلجة انتاجها انه المطلق و النهائي و الأبدي و الأخير. و من هنا لا تواكب العصر و تقع في فخ الحياة في الماضي بديكور الحاضر و تلجأ الى اللغة و تستنجد بالخطابة
و التخوين و سجع الكهان ..و كل وسائل الهجوم دون اقناع او نتائج حقيقة على الارض.

حتى المعرفة اذا لم ترتبط بالأخلاق لا خير فيها لقد استعمل الغرب البارود لقتل سكان امريكا الاصلين و أوربا المسئولة من جهة أنها نهبت اموال أفريقيا فترة الاستعمار ومن جهة انها مارست لسنوات عدة سياسة الاستقطاب وقدمت ماكينتها الإعلامية الضخمة والبروباقندا الغربية، قدمت الأيديولوجيا الغرب على انه النعيم الأرضي فاليسار في أوربا هو الذي اللهم الكثير من الثورات في أفريقيا والرأسمالية الغربية هي التي استنسخت منها الأحزاب الإفريقية برامج عملها وفشل اليسار الأفريقي واليمين معا في تحقيق مشروع نهضوي وتنمية مستدامة في أفريقيا.

لقد شاهدنا انتفاضة في الشارع الفرنسي و الأمريكي مؤخرا و التي جاءت في حقيقتها لتجديد المشروع الرأسمالي الذي أصبح مؤذلجا اكثر منه مشروع معرفي او مشروع أخلاقي.
اما عندنا في الشرق فاننا نخلط بين الادلجة و المعرفة.. لقد عشنا لفترة طويلة في وهم الادلجة التي تطرح في شكل المعرفة فلم نتقدم بل أعدنا تدوير معرفة قديمة لتجمدنا في ذلك العصر .
حتى في الشكل بحجة دعاوى المحافظة على الأصل.

يقول المفكر الليبي الصادق النيهوم :
" الجاهل ليس من لا يملك شيئا بل هو من يملك معرفة سلبية و هو مستعد من أجلها أن يضرب رأسك ليقنعك بها".