بدون ذكر الأسماء، ولأنّ لكلِّ مسؤولٍ كبير وبخاصة إذا كان فلسطينياً ظروفه الخاصة والعامة أيضاً، فإنّ من اعتبر أنّ بشار الأسد قد حافظ على وحدة سوريا وجنبّها التشرذم والتمزّق والإنقسام لم يقلْ الحقيقة وأغلب الظنِّ أنه قد اضطرَّ إلى قول هذا الذي قاله وهو يعرف، لا بل إنه الأكثر معرفة لأنّ إطلالته على الوضع السوري بقيت متواصلة وعن قرب على مدى سنوات طويلة وحتى عندما كان حافظ الأسد والد الرئيس السوري الحالي لا يزال طالباَ في إحدى مدارس "القرداحة" التابعة لمدينة اللاذقية وبعد ذلك عندما أصبح وزيراً للدفاع وعندما "اغتصب" الحكم من رفاقه في حزب البعث في عام 1970 وعندما سلمه لإبنه هذا الذي لم يكن مؤهلاً لحكم بلدٍ كان ولا يزال بلد الإنقلابات العسكرية.

لقد كان بإمكان صاحب هذه "الشهادة" البعيدة كل البعد عن الحقيقة أنْ يقول هذا الذي قاله عن حافظ الأسد وربما عن ولده الأكبر باسل الذي، كما كان تردّد، قد تم إغتياله في حادث سيرٍ في الحادي والعشرين من يناير عام 1994 تردّدت حوله أقاويل كثيرة واتهامات لا تزال متداولة حتى بعد كل هذه السنوات الطويلة قد طالت أحد المقربين إليه ولكن بدون أي إثباتات فعلية قد جعلتها غير مؤكدة وباطلة.

كان حافظ الأسد، الذي كانت "نكْبته" بمقتل إبنه الأكبر باسل موجعةً وكارثية، يخطّط لأنْ يكون الحكم في سوريا أم الإنقلابات العسكرية في عائلته العلوية.. إلى ما لا نهاية، والمعروف أنّ المقربين منه إنْ سياسياً وإنْ طائفياً وإنْ مصلحياً كانوا يرفعون شعار: "إلى الأبد يا أسد" وهكذا فإنه قد بذل جهوداً مضنية لإعداد إبنه الثاني بشار ليكون خلفاً له، والواضح أنه، أي الرئيس الحالي، قد دأب على إعداد إبنه الذي أعطاه إسم جده ليحلَّ محله وليصبح النظام محصوراً في هذه العائلة التي لها منافسون متعدّدون وكثر في هذه "الطائفة" التي إذا أردنا قول الحقيقة أنها أنجبت كفاءات سياسية وأدبية وأيضاً عسكرية لامعة.. وبدون ذكر الأسماء.
وعليه وبالعودة إلى بدايات هذا الموجز التاريخي وإلى ما قيل عن بشار الأسد من قبل قائد كبير يحتلُّ موقعاً كبيراً وله كل التقدير والإحترام وأيضا و"المحبة".. بأنه هو أي بشار الأسد من حافظ على وحدة سوريا وأنه لولاه لكان: "القطر العربي السوري" أقطاراً متناثرة ومتخالفة ومتقاتلة أكثر كثيراً مما هي متآلفة وهذه مسألة لا يمكن إنكارها ومع التأكيد على أن عودة هذا البلد العروبي العريق هي أمنية لكل من فيه ولو "قطرة واحدة" من العروبة .

إنّ تمزّق: "القطر العربي السوري" قد بات يلامس حتى أطراف دمشق وللأسف، وألف أسف، وأنّ التغلغل التركي – العثماني بات يطلِّ على جبل "قاسيون" وأن شرقي سوريا.. وشماليها من الحسكة وحتى دير الزور و"البوكمال" وأيضاً "الرقة" على الضفة الشرقية لنهر الفرات.. وهناك من يضيف أيضاً "حلب الشهباء" إلى هذه القائمة باتت تشكل دويلات غدت تحكم معظمها تنظيمات إرهابية متذابحةً ومتصارعةً على السلب والنهب.. وهنا يا ليت لو أنّ ما قاله هذا المسؤول الفلسطيني فعلياً وحقيقياً ويا ليت لو أنّ بشار الأسد يحافظ فعلاً على وحدة هذا البلد الذي كان مكانه ولا يزال في قلب كلِّ عربي وكلِّ من لا يزال يحلم بوحدة الأمة العربية.