صياد محترف کان يمتلك نمرا قد قام بتنشأته منذ أن کان صغيرا يرضع، وعندما کبر وضعه في قفص کبير، لکنه ومع إن النمر کان قد تعود عليه ويأنس له غير إنه کان دائما يصطحب معه سوطا وعصا طويلة کوسائل ترويض، ولما سأله المقربون منه لماذا يصطحب معه السوط والعصا طالما کان النمر أليفا معه ويأنس له، فإجاب بأن النمر يبقى نمرا وقد يعود لطبيعته وفطرته في أية لحظة ولاأريد أن أصبح فريسة له!
منذ يناير عام 2016، ومع إستلام دونالد ترامب لمقاليد الامور کرئيس منتخب للولايات المتحدة الامريکية، ونظام الملالي أشبه مايکون بهذا النمر أو العقرب المحاط بدائرة من النيران، وقد کانت فترة ولاية ترامب من أکثر الفترات التي حوصر فيها النظام من کل الجهات ولم يقم بما قام به من نشاطات وتحرکات خلال الفترات السابقة، بل والاهم من ذلك إنه قد تم توجيه ضربات مميتة له من أهمها قتل قاسم سليماني الذي أطلقوا عليه لقب الحاکم الفعلي للعراق ولبنان وسوريا، وبعد أن کان دور طهران في بلدان المنطقة والعالم غير عاديا خلال الفترات التي سبقت ولاية ترامب وبشکل خاص خلال ولاية أوباما التي کانت بمثابة العهد الذهبي لها في المنطقة والعالم، فإن دورها تقلص الى أبعد حد خلال عهد أوباما وحتى تم تضييق الخناق على الاحزاب والميليشەات التابعة لها حيث کما تم إدراج الحرس الثوري من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى ضمن قائمة الارهاب فقد تم إدراج البعض من هذه الاحزاب والميليشيات ضمن نفس القائمة.
الحديث الدائر عن عودة الولايات المتحدة الامريکية والنظام الايراني للإتفاق النووي، والالعاب والمناورات التي بدأ هذا النظام يقوم بها من أجل مساومة وإبتزاز إدارة بايدن والاوربيين معا ولاسيما بعدما ظهر بأن الاوربيين قد إنخدعوا بذلك القانون الذي تم إقراره في مجلس شورى النظام والذي يمنح مهلة شهر واحد لرفع کافة العقوبات عن النظام حيث بدأت أصوات أوربية تتعالى طالبة من النظام الايراني عدم تنفيذ هذا القانون ومنح الفرصة للدبلوماسية کي تقوم بدورها، وکأن النظام الايراني کان طوال الاعوام السابقة يتفهم ويستوعب الاسلوب الدبلوماسي ويعمل ويتصرف على أساسه!
هذا القانون، والتصريحات العنترية الفارغة الصادرة من قادة النظام الايراني والتي تهدف في خطها العام من أجل تحقيق هدفين، الاول مساومة وإبتزاز خصومهم وحصولهم على قدر أکبر من التنازلات التي قد توفر لهم مساحات مناسبة من أجل التحرك فيها، والثاني التغطية على خروقاتهم ولاسيما مستوى التخصيب الذي وصلوا له ولاريب فإن هذا النظام الذي قاسى وعانى الامرين خلال الاعوام الاربعة المنصرمة، بقادر على أن يتحمل بضعة أشهر أخرى وهو يقوم بألعابه ومناوراته هذه خصوصا إذا ماأخذنا بنظر الاعتبار إنه أي النظام الايراني قد جعل ويجعل من الشعب الايراني بمثابة کبش فداء ويلقي بالثقل الاکبر عليه ويستخدمه کوسيلة من أجل تخفيف الضغط عليه وإننا نجد من المفيد جدا هنا أن نذکر الامريکيين والاوربيين معا، بما قد فعله وقام به نظام الملالي بعد التوقيع على الاتفاق النووي وهل إلتزم ببنوده فعلا بل وهل قام بصرف المليارات المجمدة التي أطلقها أوباما على مشاريع وأمور إقتصادية ومعيشية تخفف من وطأة الاوضاع السيئة التي کانى يعاني منها الشعب الايراني، أم قام وکما نعلم جميعا بصرفها على تدخلاته في المنطقة وعلى تجاربه الصاروخية!
واشنطن والعواصم الاوربية من المهم عليهم أن يأخذوا الدروس والعبر من التجارب الماضية ومن حقيقة أن النظام الايراني لايمکن أبدا أن يرعوي وينصاع لإلتزاماته الدولية إلا وفق سياسة العصا والجزرة لأنه ماأن يأمن العصا حتى يعود الى سابق عهده ومن الخطأ الکبير بل القاتل بأن لايتم الاستفادة مما قام به ترامب من ضغوطه القصوى على هذا النظام وتوظيفها ضده لأن ماقام به ترامب بمثابة ثلاثة أرباع دائرة حصر الملالي والربع المتبقى منه بعهدة بايدن والاوربيين وهذه الدائرة لو إکتملت فإن النظام الايراني سيکون أمام خيارين لاثالث لهما إما الاستسلام أو المواجهة وقطعا فإنه وکما أثبتت التجارب سيلجأ للخيار الاول!