ها هو عام 2020 يودع عالمنا بمزيد من الأحزان، فهو العام الذي لا يكاد العالم شهد ما هو أخطر منه منذ النصف الثاني من القرن العشرين. وهو العام الذي بدا فيه العالم أجمع في حالة شعورية واحدة، حيال مواجهة مرض خطير، واجه البشر كافة بما لم يكن في الحسبان.

كل دولة بدأت تعمل في ما يجعلها أكثر أمناً سواء في تدابيرها الاحترازية من المرض، أو في قفل مجالها العام في وجه الوافدين إليها.
ولقد كان للمملكة العربية السعودية تجربة رائدة في مواجهة هذا الوباء، ليس فقط لأنها دولة مثل غيرها من دول العالم يدخل ويخرج منها الناس، وإنما كذلك لأن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي يدخلها مواطنو أكثر من 56 دولة إسلامية، مع بقية المسلمين في دول العالم، في أي وقت من أوقات السنة تلبيةً لأداء شعيرة العمرة، فضلاً عن فريضة الحج السنوية.

ولقد أبدت المملكة العربية السعودية في ضوء تلك التحديات الكبيرة التي فرضها وباء كورونا، استجابات ناجحة في التعامل مع التدابير الاحترازية ضد هذا المرض، لاسيما في ظل تنظيمها لشعيرتي العمرة والحج.

كانت الخطط التي اتبعتها المملكة العربية السعودية من خلال تنظيم وزارة الصحة إلى جانب وزارة الحج، من أنجح الخطط التي عكست اهتماماً كبيراً ودلت على تسخير كافة الامكانات والوسائل الحديثة، أولاً في سبيل حماية مواطنيها والمقيمين في أرضها، وثانياً في قدرتها على التخطيط لإنجاح موسم الحج والعمرة بأفضل الطرق العلمية والتدابير الصحية الناجحة.

فكان تنظيم الحج الآمن، الذي لم يعطل هذه الفريضة العظيمة، تجربة عظيمة وفق الله المملكة على القيام بها وفق أتم الاستعدادات التي حافظ جميع الحجاج فيها على الالتزام بشروط وضوابط الحج الآمن.

كما أن المراحل التي نظمتها وزارتا الصحة والحجة في خطط العمرة، كانت من أفضل التدابير التي كشفت عن نجاح كبير في كافة المراحل التي تمت فيها شعيرة العمرة.
لقد استفادت المملكة العربية السعودية، من قدراتها المتراكمة في إدارة الحشود على المدى الطويل في مواسم الحج السنوية وساعدها ذلك في تعزيز استجابتها بكافة التدابير الحمائية من جائحة كورونا، حتى بدأنا نرى النتائج الباهرة لتلك الجهود العظيمة التي تولت إدارتها وزارة الصحة.

وخلال الأسابيع والشهور الأخيرة ومع الموجة الخريفية الثانية من عودة جائحة كورونا كانت مؤشرات قوائم الإصابات بالمرض في المملكة العربية السعودية تتناقص بشكل كبير، فيما كانت أعداد المصابين في ازدياد حتى في أكثر الدول الأوربية تقدماً.

واليوم، وبعد أن توصل العالم إلى انتاج أكثر من لقاح لمرض كورونا، كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي حرصت على اعتماد لقاح (فايزر بيونتيك) الأمريكي والقيام بالتطعيم وفق خطة وزارة الصحة، وعبر تطبيق " صحتي " في برامج الهاتف المحمول داخل المملكة، ووفق الأولويات والفئات التي هي الأولى بالتطعيم.

كانت التحديات في مواجهة وباء كورونا كبيرة، لاسيما في ظل الأوضاع التي جعلت من المملكة العربية السعودية بلداً مفتوحاً بطبيعة مكانته الإسلامية الرمزية، ولهذا فإن النجاح الذي كلل الجهود المخلصة والعظيمة في إدارة التدابير الاحترازية لمواجهة وباء كورونا، نجاح يستحق الإشادة والتقدير. وفيما يمضي هذا العام بكل أحزانه التي تسبب فيها هذا الوباء، يستبشر العالم مع بداية العام الجديد وبداية التطعيم باللقاحات، عاماً جديداً سيكون بداية النهاية لأحزان العام 2020 الذي لن ينساه العالم، سائلين الله أن يجعل العام 2021 عاما للخلاص من الوباء.