في خطوة شبيهة بالمسرحية الكوميدية التي ألفها القومجيون العرب في خمسينات القرن الماضي حول إلقاء إسرائيل في البحر، قدم القومجيون الفرس في البرلمان الإيراني، مشروع قانون، يلزم " الحكومات المتعاقبة " بـالقضاء على إسرائيل خلال مدة أقصاها عشرين عاما ( قابلة للتمديد طبعا )! للعمل على إخراج القوات الأمريكية من المنطقة. على حسب ما ورد في موقع ( آر تي ) الروسية.

ويشمل المشروع 16 مادة تحت اسم "رد إيران بالمثل"، كإجراء للرد على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني. ويلزم القانون الحكومة الإيرانية، بـ" اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تؤدي إلى القضاء على إسرائيل بحلول مارس عام 2041!. وينص القانون " العمل على كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، عبر إرسال السلع الأساسية بالمجان، أو مدفوعة الثمن، "، إضافة إلى تقديم الدعم الاقتصادي، والأمني، لمسيرات على حدود إسرائيل، تحت عناوين "حق عودة اللاجئين الفلسطينيين"، و" العودة إلى القدس"، و" تحرير الجولان"، و" زيارة القدس!.".

وتحت مادة " طرد أمريكا من المنطقة "، ينص القانون على أن " تتخذ الحكومة والقوات المسلحة الإيرانية الترتيبات اللازمة لإخراج القوات العسكرية، التابعة للقيادة المركزية في الجيش الأمريكي من المنطقة!.". ويشمل أيضا " استعداد طهران لإبرام اتفاقيات للتعاون الدفاعي، لمدة لا تقل عن خمس سنوات، مع أي دولة في المنطقة تقرر إخراج القوات الأمريكية منها!!.".

كما يعتبر المشروع أن الدول التي تحتضن القوات الأمريكية، " شريكة في أي عمل عسكري، أو أمني أمريكي ضد المصالح الإيرانية في إيران والمنطقة "، وأنها " تتحمل كافة المسؤوليات المترتبة عن ذلك "، وأن " من حق طهران الرد بالمثل ضد الدولة التي انطلق منها العدوان!.". ويشدد على إلزام القوات المسلحة في الجيش والحرس الثوري الإيراني، بـ" الرد العسكري على أي عمل عسكري أمريكي ضد إيران، على أن يكون بنفس المستوى أو أكبر"، وينص على أن " رد طهران قد يشمل الدولة التي قدمت التسهيلات للقوات الأمريكية!.".

ويمنع المشروع " أي مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية حول القضايا غير النووية "، ويحظر " إجراء أي مفاوضات معها، سواء كانت ثنائية، أو متعددة الجوانب بمشاركة دول أخرى، قبل إدانة الإدارة الأمريكية اغتيال قاسم سليماني، وتقديم اعتذار رسمي عن انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي!. ويؤكد أن التعويض عن خسائر انتهاك واشنطن والدول الأوروبية للاتفاق النووي، لا بد أن يكون جزءا من أي مفاوضات محتملة!.

دعونا نتوقف قليلا عن الضحك على مواد هذا القانون الهزلي ونتساءل بجدية " ماالذي يدفع جمهورية إيران الفارسية أن تكون أكثر ملكية من الملك، وتكرس جميع إمكانياتها المادية والمعنوية لتحرير القدس والجولان، في وقت يعاني فيه الإيرانيين من الجوع والفاقة ويحتاجون الى كل ريال إيراني لإشباع بطونهم الخاوية؟!. وما حاجة إيران الى نشر إرهابه في جميع المناطق العربية، في اليمن ولبنان وسوريا والعراق لمحاربة اسرائيل وهي تمتلك الصواريخ العابرة للقارات والتي بإمكانها أن تصيب داخل إسرائيل؟.

لقد حصل الشيعة في إيران على أكبر فرصة تاريخية حين نجحت ثورتهم في الإطاحة بنظام الشاه، وتسلموا السلطة في بلد مترامي الأطراف على طبق من ذهب، فبدلا من أن تصرف الحكومة الشيعية " الاسلامية " كل جهودها من أجل بناء دولة متقدمة تكون نموذجا يحتذى به من جميع دول العالم، خاصة وأن إيران تمتلك مقومات التقدم في كافة المجالات الصناعية والتكنولوجية وتنتج كل مستلزماتها وحاجاتها في الداخل، فما الذي يدفع الحكومات الايرانية الى التدخل في شؤون الدول الأخرى وصرف مليارات الدولارات في إرسال الأسلحة والمساعدات اللوجستية لزعزعة أمن وإستقرار المنطقة.

فلولا تهديدات إيران الخمينية لدول المنطقة لما وقعت الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثماني سنوات. ولولا تلك الحرب لما غامر صدام حسين بإحتلال الكويت والذي أدى الى إستقدام الأساطيل الغربية الى منطقة الخليج، ولولا تحرشات وتهديدات ايران للعالم لما اعترضت أية دولة على برنامجها النووي للأغراض السلمية، ولولا محاربتها لاسرائيل لما واجهت عداءا امريكيا وغربيا. ولولا تدخلاتها السافرة بشؤون دول المنطقة لما تعرضت الى كل تلك العقوبات القاسية التي دمرت الإقتصاد الإيراني.

مشكلة إيران هي المشكلة الأزلية لدكتاتوريات المنطقة، شعوب جائعة وإقتصاديات متدهورة، ودولة غير مستقرة يحكمها دكتاتور واحد يبسط سيطرته على كل مقدرات البلاد ويسوقها بالتالي الى الهاوية.

كل القادة الذين أرادوا إحراق إسرائيل وإزالة وجودها، قبروا غير مأسوفا عليهم بعد أن أوصلوا بلادهم الى الحضيض، عبدالناصر، صدام، حافظ الأسد، معمر القذافي، ياسر عرفات، وبقيت إسرائيل دولة مزدهرة ومتقدمة وتحولت في ظل الديمقراطية الى أحد أفضل دول المنطقة من الناحية السياسية والإقتصادية والتكنولوجية والعلمية.

هي اذن آفة الدكتاتورية الغبية، سواء كانت عسكرية أو إسلامية معممة..