كان ومنذ البدايات المبكرة قد أصبح "فيروس كورونا" آفةً كونيةً لم يعد من المفيد تحميل مسؤولية بداياتها لا للصين الشعبية ولا لغيرها، وعليه فإنّ التصدّي إلى هذه الجائحة، التي باتت تفتك بالولايات المتحدة وأيضاً ببريطانيا "العظمى" وبالدول التي تعتبر متقدمة وكبرى، بات عالمياً، ومما يعني أنّ اللقاحات الأميركية والبريطانية وأيضاً والروسية والصينية هي لقاحات شاملة وعلى أساس أنّ العالم في هذا المجال أصبح بحجم برتقالة وأصغر وأنه لا يحقُّ لأيّ دولة تسييس هذه المسألة وترفض أيّ علاج أميركي أو بريطاني على أساس أنه علاجٌ "إمبرياليٌ" لا يجوز الإستنجاد به أو إستخدامه حتى في مواجهة هذا البلاء الذي بات يهدد العالم كله ويرعب كل سكان الكرة الأرضية.

وحقيقة إنّ ما إسترعى إثارة هذه المسألة هو أنّ المرشد "الأعلى" علي خامنئي الذي كان ولا يزال يُعتبر أنه يتقدم ويتميز عن الآخرين ممن يوصفون في إيران بأنهم: "آيات الله العظمى" بإعتداله وعقلانيته وأنه ما كان عليه أن ينزل إلى هذا المستوى الذي لا يليق به وأنْ "يمنع ويحظر" اللقاحات الأميركية والبريطانية المضادة لفيروس كورونا الذي بات يفتك حتى بالدول المتقدمة في الكرة الأرضية كلها مثل الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا وباقي الدول الأوروبية.
والغريب أنّ هذا القائد الذي يعتمرُ "عمامةً سوداء" والذي كان يتميّز على رموز الثورة الإيرانية، ثورة عام 1979، بوسطيته وإعتداله وبإنفتاحه حتى على الأحزاب اليسارية والعلمانية قد "تغيّر" دفعة واحدة وتجاوز حتى روح الله الخميني بتشدده وبعدائه لكل الذين لا يسيرون على نهجه ومن بينهم كل القوى والتنظيمات التي كان "المرشد" السابق قد اختطف منها هذه الثورة والانقلاب على الشاهنشاه محمد رضا بهلوي الذي بات الإيرانيون وحتى بعض قواهم السياسية، السابقة واللاحقة، يتحسّرون على عهده ويتمنون لو أنه أفشل هذه "الخمينيّة" التي قد أوصلت هذا البلد العظيم إلى ما هو عليه من انحطاطٍ سياسي ومن استبداد همجي وعلى غرار ما كانت عليه الدول المتخلفة في العصور الوسطى وقبل ذلك.
وهنا فإنه لا بدّ من التساؤل: لماذا يا ترى قد وصل هذا الرجل، هذا القائد الذي كان قبل أن يرث عباءة الخميني وعمامته كان يعتبر في طليعة رجال الدين المعمّمين المعتدلين والوسطيّين والبعض يقول و"اليساريين" إلى ما وصل إليه وإلى حدِّ أنه أصدر "فتوى" في هيئة أوامر عسكرية بمنع اللقاحات المضادة لـ"فيروس كورونا" من الولايات المتحدة وبريطانيا؟!.

والغريب أنّ "المرشد" علي خامنئي لم يكتفِ بهذا الذي "أفتى" به بل إنه قد قال حسب ما بثّه التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة: "لقد أبلغت المسوؤلين بذلك وأقوله علناً الآن" مما يعني أنّ هناك مخالفين لقراره هذا وأنّ الذين من فتكت بهم هذه الآفه اللعينة لم يلتزموا بما قاله وإنّ أغلب الظن أنّ بعضهم على قناعة بأنّ مرشدهم قد حرّم عليهم ما حلّله لنفسه وأنه إذا هاجمته هذه "الجائحة" وفتكت به فإنه سيناشد الأميركيين والبريطانيين بأن يسعفوه بما حرّمه على شعبه!!