للمسافات هيبة لا يعرفها إلا من يقترب ويلذع بنار تجاوزها.. للمسافة هالةٌ تحمي صاحبها من مشاكسات الأصابع الحشرية!

في قواعد المرور هناك قاعدة تسمى "المسافة الآمنة" بين المركبات، والتي تكون إجبارية وملزمة حتى تتم عملية المرور بشكلٍ سلسٍ وآمن.

ومع تجارب الحياة وتعدد مساراتها وظروفها، ومع تراكم الخبرات التي يكتسبها المرء، آمنت بأن هذه القاعدة هي من أهم القواعد التي يجب أن نتمسك بها ليس في قوانين السير فحسب بل على الصعيد الشخصي وعلى مستوى العلاقات الإنسانية.

إنّ المسافة الآمنة بينك وبين الآخرين، والحدود التي ترسمها الأخلاق والفضيلة والمروءة هي الحصانة التي تقيك من النهايات الخاذلة.

أن تسمح للآخرين أن يتحركوا وفق مسافاتهم الآمنة دون أن تتعدى على مساحتهم الخاصة سيجعلك بالمقابل تتحرك بحرية وفق مسافتك الآمنة دون أن يشوش عليك أحد.

كثيرًا ما نسمع عن المشاحنات والخصام والقطيعة بين الأصدقاء والمعارف وحتى بين بعض الأخوة ولا عجب في ذلك حيث إننا لو دققنا لوجدنا أنهم منذ البداية كانوا قد اخترقوا قاعدة المسافة الآمنة.

عندما يسمح المرء لنفسه بالتدخل في مسافات الآخرين، في حياتهم الخاصة، تجاربهم، قرارتهم، أوضاعهم، فهو يفتح بابًا للآخرين لأن يتدخلوا في مسافاته الخاصة.

حافظوا فيما بينكم على المسافة الآمنة.
امنحوا الآخرين مسافاتهم،
لا تقاطعوهم فيها، ولا تسمحوا لغيركم باختراق مسافاتكم الخاصة،
فالحياة قصيرةٌ
والخواطر حين تكسر لا تجبر بسهولة ولا تعود الى ما كانت عليه..