ما كان الإعتقاد مبنياًّ على قناعةٍ راسخةٍ بأنّ إعلان حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بالإلتقاء مع حركة "فتح" ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية بالنسبة لعملية السلام المتداولة وإنْ كلامياًّ والقبول خلافاً لشعار: "من البحر إلى النهر" بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مقابل دولة إسرائيلية على الحدود نفسها، ولكن في الإتجاه الآخر أي حدود عام 1948، وحقيقةً أنّ هذا قد جعل الشعب الفلسطيني، إنْ في الضفة الغربية وأيضاً وإنْ في قطاع غزة وحقيقةً وإنْ في "الشتات" وفي الأرض المحتلة منذ عام 1948، يكاد "يطير فرحاً" على أساس أنه بقي يتحدث عن الوحدة الوطنية على مدى كل هذه السنوات الطويلة ولكنه لم يحقّقها!!.
ربما أنّ الشعب الفلسطيني من بين الشعوب كلها، التي أبتليت بالإحتلال حتى بما في ذلك الإحتلال النازي للعديد من الدول الأوروبية، الذي أصيب بالتمزّق والتشظّي إذْ أنّ هناك من يسمّون: "عرب 48" وأنّ هناك "أهل الضفة الغربية" وأهل قطاع غزة وهناك الذين كانوا لجأوا إلى العديد من الدول العربية: "الأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر" وهناك الذين إنتشروا في أربع رياح الأرض وفي القارات كلها القريبة والبعيدة، وحقيقةً أنّ هذا لم يكن بخيارهم وإنما لأنّ الإحتلال قد هبط عليهم في لحظةٍ تاريخيةٍ مريضةٍ كهبوط القنبلة النووية.
كانت الضفة الغربية، شعباً وأرضاً، قد أصبحت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية إلى ما بعد عام 1967 وبعد أن أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية: "المُمّثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" بقرارٍ عربيٍ ودوليٍ وعملياًّ وأصبح قطاع غزة وإنْ هو لم يصبح جزءاً من مصر فإنه قد أصبح فعلياًّ تابعاً لها وهكذا فإن فرح الشعب الفلسطيني بات يلامس غيوم السماء عندما إتحدَّ "القطاع" بـ "الضفة" لكن هذا الفرح ما لبث أن إنهار دفعة واحدة عندما قامت "حماس" بإنقلابها الشهير على "السلطة" وعلى القيادة الشرعية الفلسطينية الذي كان من أسوأ الإنقلابات العسكرية العربية في دمويته وفي تعامله مع الذين قد جرى الإنقلاب عليهم.
ولهذا فإنّ فرح الشعب الفلسطيني من منه في فلسطين، الأرض المحتلة منذ عام 1948 ومن منه في الضفة الغربية وقطاع غزة ومن منه في العديد من الدول القريبة والبعيدة.. وفي ديار الله الواسعة، قد لامس غيوم السماء عندما أعلنت حركة "حماس" إلتحاقها بعملية السلام وبتخلّيها عن الكفاح المسلح لحساب الكفاح السياسي وقبولها بدولةٍ فلسطينية على حدود عام 1967 وهي الدولة التي كانت قد أعلنت قبولها بها منظمة التحرير و"فتح" وبعض الفصائل الفلسطينية منذ فترة سابقة أصبحت بعيدة.
لكن هذا الفرح الفلسطيني وربما والعربي أيضاً لم يكتمل عندما تراجعت "حماس" عن هذه الخطوة الوطنية التي اقدمت عليها وإذْ أنه بهذا قد ثبت أنّ هذه الحركة مُكبّلةٌ بكونها تنظيماً "إخوانياًّ" وحيث أنّ التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بات بعد خروجه أو إخراجه من مصر تابعاً، تبعيةً إلحاقية، بإيران وأيضاً بتركيا وأنّ قراره هو قرار رجب طيب أردوغان وأنّ إسمه "الإخواني" قد إختفى نهائياً وأصبحت هناك كل هذه الأسماء التي تبدأ بـ "النهضة" التونسية ولا تنتهي بكل دول الكرة الأرضية القريبة والبعيدة!!.