عندما "تتمرّد" حتى أثيوبيا والحبشة وتدير ظهرها للعرب كلهم، وتصرُّ على أنّ: "سد النهضة" لها فإنّ هذا يعني أنه على الأرقام الأساسية في المعادلة العربية أنْ تكون لها وقفةً جديةً تجاه هذا الذي يجري في هذه المنطقة كلها، وحقيقةً أنّ هذا ممكنٌ طالما أنّ هناك من لديهم الإمكانيات كلها العسكرية والسياسية وأيضاً المالية لإيقاف المتطاولين عند حدودهم حتى لا يتمادوا في كل هذا التطاول وحتى لا تنتقل العدوى إلى غيرهم من الذين لا يشكلون إلاّ أرقاماً ثانوية.

ويقيناً هنا أنه إنْ لم يأخذ العرب المعنيون وكل العرب معنيين بهذه المسألة وبمسائل مماثلة كثيرة هذا التطاول "الحبشي"، الأثيوبي، بكل جدية فإنه غير مستبعدٍ أنْ يأتي يوماً أنْ تعلن "الحبشة" أن هذا النيل نيلها وأنه لها من منبعه إلى مصبه وحقيقة أنّ هذا غير مستبعدٍ إنْ لم تكن هناك وقفةً عربيةً جديةً وطالما أنّ هناك مثلاً معروفاً يقول: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"!!.

إنّ المعروف أنّ هذه الدولة لها مكانتها وتاريخها في هذه المنطقة وإن العرب بصورة عامة لازالوا يقدرون أستقبالها للعرب المسلمين الذين لجأوا بدينهم عندما كان في بداياته وهكذا فإنّ ما تجدر الإشارة إليه هو أنّ من إقترح وطالب بأن تكون عضواً مقدراًّ في الجامعة العربية طالما أنها جزءاً رئيسياًّ في معادلة هذه المنطقة وأن كثيرين من أهلها وأبنائها يتحدثون اللغة العربية .

إنه لم يكن متوقعاً أنْ تدير "أثيوبيا" ظهرها للدولة العربية الأكبر مصر التي بقي هذا "النيل" يعتبر على مدى حقب التاريخ على أنه نيلها وهذا ينطبق على السودان أيضاً مما يعني أنّ هذه الدولة، التي كان العرب ولا زالوا، يعتبرونها دولةً شقيقةً لها كل التقدير والإحترام غير جائزٍ وغير معقولٍ أن تتعامل مع هذه المسألة التي هي في غاية الأهمية بكل هذا الإستخفاف والتحدّي مما قد يؤدّي، لا سمح الله، أن تضطر هاتان الدولتان ومعهما بعض العرب وهذا إنْ ليس كلهم إلى اللجوء لما بقي مستبعداً منذ إنفجار هذه الأزمة وحتى الآن!!.

وعليه فإنه لا بدَّ من وقفةٍ عربيةٍ جادةٍ إلى جانب هاتين الدولتين الشقيقتين، ليس لا بالقوة ولا بالسلاح، وإنما بإفهام "الأشقاء" الأثيوبيين (الأحباش) بأنّ عليهم أن يدركوا أنّ هذا الذي يفعلونه غير مقبولٍ وأنّ كل هذا التحدّي لمصر والسودان هاتين الدولتين العربيتين تحديٌ للعرب كلهم وللأمة العربية وأنه من حقهم أنْ يأخذوا من النيل ما يتحاجونه وأنْ يأخذ الشركاء الآخرون ما يحتاجونه.. أمّأ أنْ يلجأوا إلى كل هذا التحدي فإنّ هذا قد يؤدي بالنتيجة إلى ما لا تحمد عقابه، لا سمح الله، وإنّ هذا سيبقى مستبعداً إلاّ إذا بقي هؤلاء الأشقاء التاريخيون يصرون على عنادهم هذا الذي يشكل تحدياًّ سافراً ليس لدولتين عربيتين وإنما للأمة العربية كلها.