كباحث في مجال الإبادة الجماعية وحقوق الانسان التقينا يوم امس بالدكتور منذر الفضل وسألناه :

السؤال الاول: هناك بعثيين متورطين بالانفال والقصف الكيمياوي يعيشون في اربيل ونادمين على فعلتهم (حسب ادّعاء احد القياديين في الحزب الديمقراطي الكوردستاني) ما هو تعليقكم على ذلك؟

السؤال الثاني: هل يشمل العفو الاشخاص المتورطين بالابادة الجماعية (الانفال)؟

السؤال الثالث: ما هو تعليقكم القانوني حول جريمة الانفال والابادة البشرية؟

السؤال الرابع: ومن هو الشريك في الابادة الجماعية (الانفال) وفقا للقواعد العامة للقانون الجنائي وما هو حكم التستر على المجرمين المتورطين بالابادة الجماعية (الانفال وضرب حلبجة) بالأسلحة المحرمة دوليا؟

أجابنا الدكتور منذر الفضل مشكوراً وقال ما يلي:
طبقا للقانون الدولي فان جرائم عمليات الانفال التي وقعت على مناطق واسعة من كوردستان اثناء عهد النظام البائد وأدت الى وقوع الالاف من الضحايا الابرياء من المدنيين وكذلك الذين تضرروا من القصف الكيمياوي في (حلبجه) وباليسان وقلعة دزه وزيوه ومناطق اخرى في كوردستان وكذلك جرائم التهجير والاختفاء القسري تعد كلها من جرائم ابادة للجنس البشري وتنطبق عليها اوصاف الجريمة الدولية. ان ابادة البشر يعني قتل الجماعات او المجموعة البشرية بوسائل مختلفة وهذا تهديد لامن وسلامة المجتمع.

وطبقا لقواعد القانون الدولي وكذلك الدستور العراقي والقانون الوطني فان الذي يتورط بهذه الجرائم يتعرض للمسؤولية القانونية مهما كان منصب الشخص الذي ارتكبها او شارك او ساعد بها او سهل لها ولا يجوز ان يشمل باي عفو كان حتى ولو تذرع بتنفيذ الاوامر، والدليل على ذلك ما حصل من ايقاع للعقاب على مرتكبي هذه الجرائم في العراق بعد عام 2003 مثل محاكمة المجرم صدام واتباعه من المجرمين وشمولهم بقرارات المحكمة الجنائية العراقية العليا التي شكلت بقانون رقم 10 لسنة 2005 المعدل.

انواع الجرائم:
وفقا لاتفاقية منع جرائم إبادة الجنس البشري فان الجرائم الدولية هي على النحو التالي: جرائم مرتبطة بالحرب War Crimes، جرائم ضد السلم War against peace، جرائم ضد الإنسانية Crimes against Humanity. ان هذه الجرائم التي وقعت في عمليات الانفال و(حلبجه) والجرائم ضد الكورد الفيلية تدخل ضمن دائرة الجرائم ضد الانسانية والتي تسميها الفاتيكان (الجرائم ضد الله) لانها تهدد وجود البشر وحقوقهم في الحياة والتنقل والآمن وهي جرائم ضد الانسان لانها جرائم قتل وتدمير تخرب مصادر العيش للبشر ايضا ولا يجوز القيام بها مطلقا حيث حرمتها الاتفاقيات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الانساني والمبادئ العامة للقانون ومنها اتفاقيات جنيف ولاهاي وقرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ولذلك فقد تقرر دولياً بِشأن جرائم الابادة مايلي:
1ـ ان جرائم الابادة هي من الجرائم غير السياسية التي توجب على اية دولة تسليم المتهم لمحاكمته لان الجريمة تعتبر ضمن الجرائم الخطيرة.
2ـ ان جرائم الابادة للجنس البشري ليست في درجة الجنحة ولا المخالفة ولا ترتكب عن طريق الخطأ غير العمدي وانما هي جريمة ترتكب بقصد جنائي وان الفاعلين لها يريدون ايقاع الفعل الجرمي ويسعون الى تحقيق النتيجة وهم يخططون للجريمة ويسعون قاصدين إلى تنفيذها وصولاً إلى غاياتها الاجرامية.
3ـ جرائم الابادة في الانفال و(حلبجه) التي وقعت على كوردستان هي من صنف الجرائم الدولية اي ذات الاختصاص الشامل ويحق لاي دولة وجد المتهم على اراضيها ان تحاسبه فضلاً عن اختصاص القانون الوطني لمحاسبة المتهمين بارتكابها .
4ـ لا يتمتع الفاعل باية حصانة لا دستورية ولا قانونية حتى ولو كان دستور الدولة ينص على وجود الحصانة عند ارتكاب هذه الافعال وذلك طبقا لاتفاقية منع ابادة الجنس البشري التي صادق عليها العراق وعشرات الدول. وقد تقررت هذه الاتفاقية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2670 في 9 ديسمبر 1948 والنافذة في 12 كانون الثاني من عام 1951 .
5ـ لا يجوز منح المتهم بجريمة الابادة حق اللجوء الانساني ولا حق اللجوء السياسي مطلقاً.
6ـ لا يجوز منح المتهم بهذه الجرائم حق العفو الخاص مطلقا كما منع الدستور العراقي لعام 2005 ذلك صراحة اذ جاء في المادة 72 بانه لا يجوز لرئيس الجمهورية اصدار العفو الخاص عن المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية او جرائم الارهاب او جرائم الفساد المالي والاداري .
7ـ لا تسقط هذه الجرائم بمرور الزمان استناداً إلى اتفاقية عدم التقادم (قرار رقم 2391 في 26 تشرين الثاني 1968 النافذة في 11 تشرين الثاني 1970) والتي صادق العراق عليها.

واخيراً اضاف الدكتور:
المقصود بالشريك قانونيا كل من قرر ارتكاب الجريمة ووضع الخطط لها وقام بتنفيذها او امر بتنفيذها ومثال ذلك الطيار الذي ضرب حلبجة او نقل المؤنفلين الى مصيرهم في المقابر الجماعية فهؤلاء كلهم مشاركون في الجريمة ولا يجوز التعذر بانهم كانوا مأمورين في تنفيذ الجريمة. وهذا يشمل ايضا المتسترين على الجريمة سواء كان ذلك بالامتناع عن فعل اي شئ يمنع وقوعها او علم بها وسكت عنها او انكر وقوعها.

————————

*الدكتور منذر الفضل:

- دكتوراه في القانون المدني ومدرس في كلية القانون بجامعة بغداد 1979

- أستاذ مشارك في القانون المدني - كلية القانون بجامعة بغداد 5-11- 1987

- محاضر على طلبة الماجستير والدكتوراه جامعة بغداد - كلية القانون 1987- 1991

- محاضر في المعهد القضائي - بغداد 1989-1991

- أستاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعه مؤتة - الاردن 1991-1992

- مساعد عميد كلية الحقوق - جامعة عمان الاهلية - الاردن 1992 -1993

- رئيس قسمي القانون العام والخاص -جامعة الزيتونة الأردنية 1993-1997

- محاضر في كلية القانون والفقه المقارن - لندن 2001

- محاضر في معهد سيلي التابع لنقابة المحامين الامريكية - براغ 2004

- مستشار قانوني في سلطة التحالف - بغداد - عام 2003

- مستشار لرئيس مجلس الوزراء في كوردستان 2004 2005 -

- محاضر على طلبة الدكتوراه في القانون - جامعة صلاح الدين - كوردستان 2005

- عضو الجمعية الوطنية العراقية 2006 - 2005

- عضو لجنة كتابة الدستور العراقي الدائم 2005

- أستاذ مشارك في كلية القانون بجامعة عمان العربية للدراسات العليا -الاردن 2010 -2011

- مستشار قانوني وباحث أكاديمي - السويد / كوردستان العراق

للدكتور الفضل العديد من البحوث الدستورية والقانونية والسياسية والمؤتمرات في الولايات المتحدة الامريكية والدنمارك وهولندا والاردن وبولندا وبروكسل وبراغ وفرنسا ولندن والسويد والنرويج وكوردستان وله ١٨ كتابا في الدستور والقانون والسياسة .