في ردها على الهجوم الحوثي على منشآت مدنية في أبوظبي تقود دولة الإمارات مقاربة سياسية استراتيجية تهدف إلى حشر الحوثيين في زاوية المنظمات الإرهابية المرفوضة دولياً، الأمر الذي سيوجع الجماعة بشكل أكبر بكثير من خسارتهم الميدانية الأخيرة.

الإمارات دعت مجلس الأمن إلى عقد جلسة للتحدث بصوت واحد وإدانة الهجمات الإرهابية التي شنتها المليشيات الحوثية ضد المنشآت المدنية، وفي ذات الوقت تتحدث العديد من المصادر عن طلب إماراتي من واشنطن إعادة تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية.

الإمارات وعبر تحركها الدبلوماسي الدولي تهدف إلى تجريد الحوثيين من أي تعاطف دولي ونزع الصفة السياسية عنهم، وترسيخ القناعة العالمية بأنهم الطرف الرافض لإيجاد حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية الممتدة منذ نحو سبع سنوات، فرغم كل ما يقوم به الحوثي من تعدٍ على القانون الدولي وزعزعة استقرار المنطقة ورفضهم للحلول السياسية إلا أن المجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة ما زالت تتعامل معهم باعتبارهم طرفاً سياسياً يمنياً وسلطة أمر واقع رغم كل الفشل الذي تحقق في جولات السلام التي قادتها الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية.

الحوثي وفي خضم تراجعه العسكري بعد خسارته محافظة شبوة أقدم على خطوة متهورة قد تؤسس لموقف دولي جديد يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ويضع الجماعة في موقع الاستهداف العالمي، فالاعتداء على أبوظبي لم يَقْرَأَه الحوثي جيداً، فما تمتلكه الإمارات من علاقات سياسية قوية مع مختلف الدول وخاصة الدول الكبرى علاوة على موقعها المالي والاقتصادي يجعل من الصعب على العالم أن يتغاضى عن أي تهديد لاستقرار وأمن الإمارات.

حجم التنديد الدولي الصادر بعد الهجوم الحوثي يؤكد بأن خطوة الذهاب إلى مجلس الأمن لإدانة الجريمة النكراء خطوة محسوبة جيداً، وسيتبعها خطوات أخرى لتَضْيِيق الخناق على الحوثيين لتحقيق أهداف رئيسية متعددة أولها منع تكرار أي هجوم على الإمارات عبر إجبار الحوثي على التفكير كثيراً قبل الإقدام على أي خطوة مماثلة، والهدف الثاني حشر الحوثي في زاوية المنبوذ دولياً باعتباره منظمة إرهابية من الصعب التعاطف معها أو تبني خطابها السياسي، وثالث هذه الأهداف دفع الحوثي إلى القبول بالجلوس بشكل جدي إلى طاولة المفاوضات لإيجاد تسوية سياسية للأزمة اليمنية التي طالت فصولها وزادت تأثيراتها على الأمن الإقليمي والدولي.

الإمارات إن نجحت في مسعاها نحو حشر الحوثيين في عنق الزجاجة عبر خلق إجماع دولي رافض لسلوكهم وتصرفاتهم العدوانية ونزع أي مشروعية عنهم تكون قد وجهت ضربة موجعة ونوعية للجماعة قد ترسم من خلالها ملامح سيناريو إنهاء الأزمة اليمنية، وإن كانت هذه الأزمة مرتبطة بلاعب إقليمي آخر قد يكون له كلمة أخرى في مجمل المشهد.