لقد أصبح جليا اننا دخلنا لحقبة تاريخية جديدة يمكن أن نطلق عليها (عصر المخاطر)، خطر حروب وسقوط دول وتفكك مجتمعات وخطر نقص غداء وماء وخطر اوبئة وامراض واخيرا خطر الإفلاس وغلاء أسعار وهي اهم سمات هذا العصر.

حروب قد تتحول في أى لحظة لحرب نووية بعد هجوم روسيا على اكرانيا وإرسال الغرب مقاتلين أجانب لأكرانيا في حالة اشبه لحالة أفغانستان والأفغان العرب وما فعلوه في بلدانهم لاحقا. ولكن هذه المرة الحرب في قلب أوربا.

لقد تحول العالم من حالة السكون إلى حالة من التغيرات السريعة واغلبها سلبية ومرتبط بالتقنية.. ولا يمكن ظبطها .. فمن تغير المناخ Global Warming بسبب الصناعة والتقنية الي الأوبئة والجانحة إلى الحروب المباشرة وهي عودة إلى آخر حرب كونية تانية، حين غزت ألمانيا بولندا في سبتمبر 1939.

الجديد القديم اليوم هو حالة الاصطفاف إلى معسكرات تحكمها ايدلوجيات مختلفة بل والمقاطعة للافراد في اموالهم وممتلكاتهم مثل ما يفعل الغرب اليوم مع المواطنين الروس وهي عقوبات إنسانية حتى على الرياضة وليست سياسية وقبلها سن قانون جاستا ضد السعودية ليبقى سيف مسلط في اى لحظة يمكن اشهاره.

منع تركيا للانضمام إلى للاتحاد الأوروبي رغم كل التنازلات التي قدمتها من تغير القوانين والتشريعات جاء هذا المنع لسبب بسيط غير معلن هو أن الاتحاد الأوروبي نادي مسيحي لا يمكن ضم تركيا المسلمة له رغم التنازلات التي قدمتها في تغير قوانينها الإسلامية.

كل ذلك هي مؤشرات سقوط مشروع الحلم الغربي الديمقراطي وحقوق الانسان خاصة بعد معاملة المهاجرين الاكران معاملة تختلف عن معاملة المهاجرين السورين في ظاهرة هي حالة من العنصرية كانت تحت السطح في الغرب (الديمقراطي والانساني) ظهرت لحظة الحقيقة لتكشف كل الادعاءات الزائفة للغرب وقبلها الحالة الفلسطينية المزمنة التي لم يجدوا لها حلا حتى الآن وهي من صنع ايديهم على يد بلفور وزير خارجية بريطانيا.

كل هذا يسقط نظرية او بالأحرى فرضية (نهاية التاريخ و الإنسان الأخير) لفوكوياما التي طرحها لنرجع إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب يسعى فيه كل قطب إلى استقطاب الدول و الشعوب الفقيرة.

رجوع عصر الأوبئة مثل الكورونا والتي لا يعرف أحد إلى الآن هل كانت طبيعة ام مصطنعة.

خطر تناقص الغداء وارتفاع أسعاره بشكل جنوني بعد نمو سكاني ونمو ظاهرة الاستهلاك في أكبر كتلتين بشرية هما الصين والهند بعد تحقيق نمو اقتصادي يصل إلى قرابة 10% في السنة مما يعني تناقص الموارد الغذائية على الكوكب.

حروب مياه مثل تجفيف أنهر العراق وسد النهضة لقطع إمدادات نهر النيل على اكبر كتلة ديمغرافية عربية هي مصر و السودان.

واخيرا حالة الإفلاس التي يدخلها العالم اذا سقط الدولار في صراع بين القطبين الأطلنطي والاوراسيا والتي بدأت بمنع روسيا من خدمات SWIFT والتحول لنظام SPFS الروسى لتحويل الأموال. أو نظام SFTs لتحويل الأصول او النظام الصيني CIPS.

و قبل كل ذلك كوارث ما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن وحتى فنزويلا وما يجري في لبنان اليوم. كل ذلك يجعلنا نقول اننا امام عصر جديد يمكن أن نطلق عليه (عصر المخاطر) والأهم من الاسم هو الاستعداد له ورص الصفوف والاصطفاف خلف مشروع واستراتيجية وطنية لمواجهة هذه المخاطر ليس فقط قطريا بل إقليميا وعربيا حتى لا نكون أكبر الخاسرين في هذه التحولات الكبرى التي يشهدها العالم هذه الأيام في غياب الأمن الغذائي و المائي والصحي العربي .

بل والدعوة لمشروع إنساني حضاري يجمع العالم لا يقوم على التفوق والهيمنة واقتصاد السوق الحر الظالم بل على الأنسنة والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحد الادني، حد الكرامة الإنسانية بين الشمال الغني والجنوب الفقير حتى لا يستمر عصر المخاطر طويلا ويحرق الأخضر واليابس هذه المرة.