لم يجدوا أفضل من فاكهة التفاح أو العنب والموز لِيبادلوا بها ثروة العراق النفطية، لم تُسعفهم العقول المريضة والأفكار الهجينة التي يحملونها في إيجاد أبخس الأثمان حتى يبيعوا بها النفط العراقي ومقايضته بالتفاح اللبناني.

حروب إقليمية ونزاعات مُستعِرة وصِراعات تُنذر بِحروب بسبب الوقود والطاقة وأزمة إقتصاد قد تُطيح بأقطاب تتزّعم العالم وساسة العراق لا دراية لهم ولا ناصح ينصحهم سوى إستيراد التفاح من الشقيقة لبنان، ربما يكون شبيه الشيء مُنجذبٌ إليه في أدق توصيف عندما نتحدث عن وجهان لعملة واحدة في نظامين فاشلين تقودهما سُلطة أفشل من أن تُدير مدرسة للأطفال، وتلك هي عناوين الأنظمة في البلدين.

هل هي النوايا المُتعمّدة في التدمير؟ تأكدوا أنها كذلك، لأن العكس بوجود سُلطة تُقايض ثروتها النفطية بفاكهة ولأجل ماذا؟، ولِمصلحة مَن؟، وما الغاية من ذلك؟ سيَتهمُنا البعض بالإستهواء بنظرية المؤامرة وضرورة مُساعدة الشقيق، لكن الجواب الذي يأتي صارخاً، وهل تكون حلول مشاكلنا في تحمّل أخطاء الغير وخطايا سياسييهم؟ وهل كُتب على العراقيين أن يكونوا دائماً السابقون في تسديد أثمان فشل الآخرين؟، عندما شبّه البعض العراق كالجَمل يحمل الذهب ويأكل العاقول، وأي عاقول بأشواكه الجارحة التي لايستطيع الشعب مضغها، وعن أي أشواك نتحدث في فقر الشعب وجوعه، أم ضياع التربية والتعليم، أم هلاك الزراعة والصناعة أو حتى تآكل مباني المستشفيات وتهالكها. تَمعنّوا في نوعية المُقايضة، ستضحكون أو ربما ستبكون، ستجدون وطناً منهوباً لم يعد ساسته يُدركون حجم خطاياهم أو حتى يقودهم الصواب للإتجاه الصحيح، فقد أفقدهم الفُحش عقولهم وغُشّيت أبصارهم إلى درجة أن فكرة شراء الطيور وإطلاقها في عنان السماء قد إستهوتهم، فهل هُناك معنى أكثر للإستباحة من ذلك؟ وإلى متى ستظل أيُها الوطن منهوباً تتناثر ثرواتك وأنت الجائع العريان؟

لم تجد السُلطة الحاكمة في العراق غير إستيراد فاكهة التفاح ليتناوله العراقيين بِظنٍ منها أو غير ظن أن التفاح سَيُشبع الجِياع ويُكسي العُراة ويجد الوظائف للعاطلين لتُقايض به ثرواتهم ومُقدّراتهم التي تتقاتل من أجلها دول ومصالح، والمُصيبة أن هذه الفاكهة قد إستكثرها وزير المالية العراقي على أفواه العراقيين حين صَرّح بأنه ليس شرطاً أن يأكل العراقي كُل يوم التفاح، تُرى أين ستذهب أطنان التفاح التي سيتُم إستيرادها؟، والمُفارقة في المشهد المُضحك المُبكي في بلد يعيش أكثر من ثُلث سُكانه تحت خط الفقر ووضع إقتصادي مُزري يُنذر بثورة الجِيّاع، تستورد سُلطته الحاكمة التفاح مقابل الوقود بدل أن تكون هذه الثروة مُلكاً للشعب وأجياله عِوضاً عن ذلك الهدر والتبذير، ثم لماذا لاتُبادر بلدان أخرى إلى مُساعدة الشقيقة بنفس المُقايضة التي يفعلها العراق؟، ربما الإجابة لاتحتاج إلى مُتفيقه لِيُجيب أنها بلدان تحترم مُقدّراتها الوطنية وثرواتها الإقتصادية ولايحق لها تبديدها على الإكسسوارات.

إنتهت كل مشاكل وأزمات العراقيين ولم يبقْ أمامهم سوى أن يتناولوا التفاح اللبناني وأصبحت بغداد المدينة الفاضلة بإقتصادها ومواردها ورفاهية شعبها وترف تناول التفاح، لكنهم تناسوا أن الشَبَع لكثير من العراقيين بات من المُعجزات.

هناك مثل عراقي كان يتداوله الآباء والأجداد قديماً وهو أن الفقير ربما كان يتدارك جوعه بقطعة خُبز وبَصلة، فهل بات فقراء العراق اليوم يتداركون جُوعهم بتناول التفاح اللبناني؟ حقاً لا ندري.