المستشار الألماني أولاف شولتس خَلّفَ الفراو أنجيلا ميركل، الزرقاء العينين، المائلة إلى السمنة، التي لا تحمل حقيبة ولا تتبضع من عند "شانيل"ولا من أسواق "شبار"، أو "هوفر" و"ليدل"، وتقوم بأعمال الجلي والطبخ وسلق الملفوف، وجبة الألمان الشعبية عندما أصبحت مستشارة لألمانيا قبل 16 عاماً كان قلائل يعرفونها؟.
أهمية ميركل ساوت الألماني الشرقي بالغربي، وساوت بهما اللاجئ السوري. وساعدت اليونان المفلسة. وقبلها روسيا المنهارة.
ظلّ مكانها محفوظاً وإن أخلت عنا بهيبتها ومكانتها، وشخصيتها وجمالها الذي يريح العين ويثلج القلب.
خلو مكانها وتركه للمستشار الجديد لم يرض الكثيرون، وفضلوا بقاءها في كرسيها الذي شغلته سنوات.. إلّا أنّ النظام العام في ألمانيا، ألزمها بالبقاء بعيداً عن مكانتها التي أبقتها قوية محافظة على شخصيتها، وعلى أبّهة ألمانيا الدولة العظيمة بشعبها المجتهد، وبرقي أفكارها.
تظلّ ميركل سيّدة العصر. سيّدة القرن الحادي والعشرين التي نهضت بألمانيا، ورحّبت بالمهاجرين الجدّد من كل مكان.
ميركل تظل كبيرة في عطائها التي احترمها وقدرها العالم برمّته. يعتزّ بها الألماني واللاجئين عن بكرة أبيهم الذين استقبلتهم، ورحّبت بهم على أرضها العامرة بالخيرات، وقدّمت لهم ما استطاعت من دعم مادي وخدمي، والأمان الذي فقدوه، وهاهم اليوم يعيشون وبكل فخر واعتزاز في بلد معافى.. يستحق أهله العطاء والتقدّم والنجاح الذي يليق بهم.

*الزمن الجميل
ماذا يعني العودة إلى أيام الزمن الجميل وتذكرها واستعراضها مع ما كان يحدث في تلك الفترة التي يعود أغلبنا إليها، ويمني النفس بصورة دائمة إلى استرجاع ذكرياتها بحلوها ومرّها، وما خلفته من صور جميلة تفرح القلب، وتثلج الصدر، وتبهج الروح.
في العودة إلى تلك الأيام التي طالما وقفنا عندها، وتركت فينا البهجة والفرح والسرور، برغم عثرات الأيام، والفقر الأسود الذي كان يعاني منه الجميع، إلّا أنَّ المادة في تلك الفترة لم تكن تعني شيئاً بالنسبة للكثير من المعارف والأصدقاء.
الحياة كانت تمارس على سجيتها. ببساطتها وآليتها التي اعتدنا عليها.. كما هي بدون مساحيق تجميل. كل يمضي في حال سبيله، لا يهتم بالسؤال عن مصير الغد والمكسب الذي يجنيه، والرزق الذي سيحصل عليه؟
ما أجملها وألذّها من أيّام برغم الآلام التي كانت تعتصرنا، والفقر الذي يُخيّم بأسه على أغلب الناس، ويُجهض أحلامهم، إلّا أنّ الجميع كان مبتهجاً بها وراضياً، وما تركت فينا من حبّ صادق، وكل ما كان يعنينا هو العيش بأمان، ونسعد بما نقدم لتلك الحياة، ونرسم من صور حية تخفّف عنا الآلام والأوجاع، بعيداً عمّا هو عليه اليوم من تفكير و ما سيكون عليه مصير الغد، وقبله وبعده. وهذا حال جميع من يقيم على تلك الأرض التي تبدلت شخوصها وتغيرت!
إنّه زمن جميل بما كان يحملُ من أسى الأيّام. جميل بالفعل، لأنه كان زمن البساطة والحب والراحة، والصداقة الحقيقية، والفرح والسعادة.

*أصدقاء بالاسم
أصدقاء كثر. أكثر من الهمّ على القلب كانت تربطنا بهم حبّ الكلمة وصدقها، وكانت تخلو حواراتنا وجلساتنا الصادقة من المصالح الخاصة، وها هي اليوم تتحول تلك الحوارات وجلسات الحارة، التي سبقت ثورة الشعب السوري، على واقع الانهيار، والانحطاط والذل والاهانات.
تحولت حياتنا إلى صراعات ولعنات تفجّر اليأس وتدمي القلوب بدلاً من أن تدفع بها نحو الأمل.
ما دور هؤلاء الأصدقاء الذين يباغتونك بتدويناتهم وأحاديثهم التي تستهلك جلّ وقتهم بدون جدوى، وها هم اليوم يتخلّون عنك في أبسط المواقف. لا تهمهم سوى مصلحتهم ورؤيتهم للحياة.. ويبخلون عليك بإشارة واحدة منهم لا تكلفهم قرشاً واحداً. تكلفهم فقط الضغط على كبسة زرّ في موقع اجتماعي "فيسبوك" على سبيل المثال، وهذا الزر يستبعدون تفعيله بالضغط عليه، لأنه سيسهم في رفع رصيدك، أو رصيد صديق من أصدقائك، وسيحلق نجمه في السماء، وينعكس ذلك على مكانته الاجتماعية، وقد يغلبهم بعلمه وثقافته وخبرته، وسينهل من معارف جديدة سيكون ـ بالتالي ـ النجاح حليفه، أما هم فسيكونون في المحيض، وأدنى!
سينكسر كبرياؤهم، ومعها شوكتهم، وسينقلب عليهم سحرهم في يوم ما.
فيقوا أصدقائي. فيقوا وتعاملوا مع الآخرين بحبّ. بعطف، بلين، باحترام، بإشباع. بقلوب صادقة. بقلوب صافية تخلوا من حقد بغيض.
المستقبل أمامكم.. ويظل الطريق مفتوحاً للجميع.

*الشعر المنثور
لست بناقداً أو أديباً، ولكن مجرد قارئاً لما ينشر في الدوريات العربية والمجلات الثقافية بصورة عامة، وما تغدق به علينا دور النشر على اتساع آفاقها من دواوين شعرية لشعراء شباب يحاولون تقليد الكبار منهم، ولكن من المخجل أن ما يكتبونه يمكن أن يطلق عليه شعراً، أو يعني شيئاً لأي قارئ لحروفه.
إنّ الشعر المنثور - برأيي -هو وليد العجز، وصار يهدد اللغة في آخر النهار، ونريد القضاء على آفته وقد تفاقمت، وعلى طفرته وقد استشرت!
إنّ الشعر المنثور، لا شك أنّه يُعد عصا في عجلة مستقبلنا الأدبي العملاق، ولا يتمّ هذا، أو بعضه إلّا إذا ضاعفنا من كيفية الإنتاج الدسم للأسواق، لا من كميته وأدرنا ظهر المجن لهذا الهُراء القَميء، الذي لم يعد يتقبله قارئ للشعر، وعلينا بالتالي أن نسلك ما كان صالحاً منه وهذا نادر، والنادر لا حكم له.. علينا مع ما في ذلك من تسامح أن نسلكه مسلك النثر الفني، أو نعتبره كلون من ألوان الكتابة لا أكثر، ووضع النقاط على الحروف، على أن تكون بيضاء من غير سوء.
لنسع من أجل هذا، ولنعمل لكي يتحرّر شعرنا من الشوائب والأوضار.. ويظل السؤال قائماً هل الشعر الحديث المنثور يُلامس القلب، أم أنه اسفيناً دقّ في مستقبل أدبنا العربي ولم نخلص منه إلى اليوم؟


يقول أحد الشعراء الشباب المتحمسين لشعرهم:
في سريري
لوحٌ خشبي مبتلٌّ
يقول إنه من حطامِ مَرْكبٍ
المسكينُ لا يعلم
أنه ضلعي الممزق
وأنا.. من أنا؟
سبع درجاتٍ إلى أعلى
ولم أفهم الغرقَ