تُعدّ الصناعة الدوائية السورية من الصناعات الهامة والداعمة للاقتصاد الوطني من ناحية التصدير وتوفير فرص العمل لعشرات الآلاف من المواطنين، وعادةً ما تكون المواد الفعّالة للدواء مستوردة من الصين أو الهند، بالإضافة إلى وجود كثير من الأدوية يتم تصنيعها في سورية على أساس الامتياز، وهذا يعني أنَّ المادة الأولية تأتي من المعمل الأم. بمعنى آخر، إنه لا وجود لما يُسمى دواء سوري بمعنى الكلمة، بل هي مجرد مواد خام يتم استيرادها من شركات أجنبية، ويجري تعبئتها وتغليفها في القطر على أنَّها أدوية وطنية، ومعظمها جيد وفعّال، ويعقد بعض الأطباء صفقات مع الصيادلة بهدف كتابة الدواء المهرّب أو الأجنبي المعبأ في سورية بامتياز من الشركة الأجنبية، وسعره غالي الثمن على الرغم من أن فاعليته لا تختلف عن المنتج المحلي، وحتى لو كتب الطبيب دواءً "وطني" يقوم الصيدلاني بتبديله بآخر أجنبي لأن هامش الربح فيه أكثر، ومثال ذلك الأدوية السرطانية، التي ما زلنا نستوردها، على الرغم من سعي الحكومة العمل على تصنيعها محلياً، ‏إلى جانب ذلك اللقاحات، ومشتقات الدم التي تتطلب تقنيات عالية، وتصدّر لأكثر من 56 دولة عربية وأجنبية!

إنَّ عدد معامل الأدوية في سورية كان يقارب 63 مصنعاً تنتج أكثر من 6500 صنف دوائي، وتأتي سورية بالمرتبة الثانية بعد مصر في تغطية حاجة السوق المحلية. وإنَّ زيادة إقبال السوريين على الأدوية المهرّبة، يعود لنسبة من الأطباء الذين لا يثقون بفعّالية الدواء الوطني، أو بسبب غياب الرديف من الدواء الوطني الأمر الذي يجعل الطبيب يوجّه أنظاره أولاً، نحو الدواء المهرّب، وهم: مرضى القلب، والسرطانات، والأمراض العصبية، وغيرها من الأمراض التي تستلزم صناعة دوائية لا تحتمل الخطأ والتلاعب في إنتاجها، وتشهد السوق ظاهرة انتشار الأدوية المزوّرة تحت مسمّى الأدوية الأجنبية، والترويج لها من قبل أطباء، وصيادلة لجني ربح كبير، ليقع المواطن في نهاية الأمر ضحية بعض الشراكات بين الصيدلي والطبيب، وكثيراً ما نلاحظ أن الصيدليات التي تلجأ إلى بيع الأدوية المزوّرة تتخذ أماكن مخصّصة تعتمدُ على التصريف السريع خاصة، كقربها من المشافي، أو في المناطق الراقية، حيث يزداد الطلب على الأدوية الأجنبية!

إنَّ الأدوية المزوّرة، أو المهرّبة باتت تُباع في الصيدليات، وبشكل علني، وقد تصل الأرباح من 100-200% جعلت الصيدلي يعمل على تسويق هذه المستحضرات.

إنّ الأدوية، وحسب التحاليل المخبرية 59% منها خالية من المادة الفعّالة. فالأدوية السورية تعد ذات جودة عالية، ومنخفضة الثمن، إلا أن المواطن لا يزال أسير الصيدلاني الذي يروّج للدواء المستورد ذي الجودة المتدنية، والسعر الأعلى، لأن أرباحه فيه أكبر بكثير، وإنَّ السماح باستيراد ما هو منتج محلياً قتْل للصناعات الدوائية المحلية، وعندما قرّرت الوزارة بالسماح باستيراد الدواء الأجنبي أثيرت ضجّة، وجدل شديدان بين مصانع الأدوية.

وقد لوحظ إقبال غير محدود من الصيادلة على الترويج للدواء المهرّب غير الفعّال ومنتهي الصلاحية بعد أن تحوّلت أكثر الصيدليات العاملة إلى مجرد محال تجارية لا أكثر، حيث أخذت تثير الكثير من حالات القلق، والاستغراب من قبل المواطن الذي طالما يفاجأ بغياب صاحب الصيدلية عنها، ما أتاح للكثيرين من توافر فرص العمل في هذه الصيدليات من غير المؤهلين دراسياً.

وإنَّ الصيدلاني ليس من مهمته صرف وصفة الدواء فقط، بل يقع على عاتقه توجيه وإرشاد المريض في مجال استعماله، وأن يكون على اطلاع دائم على كل ما هو جديد في علم الأدوية، وتأثيراتها، والشرح المبسّط لنشرة الاستطبابات المرفقة مع الدواء، ناهيك عن تزويد المريض بوصفة طبية من قبل الأطباء، على أن تكون مطبوعة، بعيداً عن استخدام الكتابة باليد، وذلك لعدم وضوح الخطوط، وإمكانية تأويلها من الصيدلي بدواء آخر يمكن أن يكون سبباً لمرض إضافي.