لا أكثر وجعاً للإنسان "السويّ" من "آلام الذاكرة" وأوجاع الماضي لا يمكن تحملها إطلاقاً والمشكلة أنها تهاجم الإنسان وهو يغرق في نومٍ عميق تسيطر عليه "الهذاريب" المرعبة لا بل أنّ أوجاع الماضي هذه التي توصف بأنها بالنسبة للأطفال كـ "النقشِ" في الحجر.. وأعتقد لا بل وأجزم أنها تبقى تهاجم الكبار وحتى وإن تجاوزت أعمارهم التسعين عاماً وأكثر.. وهذا وإلى أن يغزو الشيب مفارقهم.. لا بل وإلى أنْ لم تبق في رؤوسهم حتى ولا شعرة واحدة سوداء.

وكان هذا في العهود الماضية التي غدت بعيدة جداًّ وحيث أنه لم تكن هناك كل هذه الأصبغة التي تحول رجلاً عجوزاً إلى شاب لا يتفتق حيوية.. لكن المشكلة أنّه لا بد من عصاً يتوكؤ عليها.. ولا يهش بها غنمه.. والعياذ بالله.. وله فيها مآرب أخرى!!.

والآن.. فإنّ كل هذه الأصباغ التي تُحّول عجوزاً إلى عزّ الشباب لم تعد مجدية وحيث أنّ الإستعانة لا بد من أن تكون بنعم الله جلّ شأنه.. وحيث أنّ بضعُ حبات من ذلك الذين يُحوّل الذين قد وخط الشيب شعر رؤوسهم إلى فرسان همهمات فارغة.. تضر ولا تنفع!!.

إنها مشكلة قد قال عنها الذين قد وخط الشيب شعر رؤوسهم..، ونحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وأنّ عالم اليوم لم يعد عالم الأمس.. وأنه لم يعد هناك من يقول أنّ هذه عصاي أتوكؤ عليها وأهش بها غنمي وهكذا.. ومادام أنه لم تعد هناك أغنام.. فتصبح المسألة: "ولي فيها مآرب أخرى.. وأي مآرب؟!.

وحقيقة إنّ هذا ليس كلاماً في كلام.. وأنّ نعم الله جلّ وشأنه كثيرة جداًّ وأنه بالإمكان الإستنجاد بتلك الحبوب المعروفة.. ولكن للتخلص من وجع الرأس ومن أوجاع الأسنان.. والركب.. وأنه لم تعُد فيها مآرب أخرى.. فهذه المآرب قد تحولت إلى لدغات عقارب.. وهنا فإنّ المقصود هو ليس التلاعب بالكلام.. فالكلام يضر ولا ينفع.. وهنا فإنّ رحمة الله واسعة وعرضها عرض السماوات والأرض.. وأنّ كل نفس ذائقة الموت!!.