أمام هوْل الجرائم البَشعة التي تقترِفُها إسرائيل في غزة بارتكابِها إبادة جماعيّة في حق الشعب الفلسطينيّ الأعزل، ووسط ضحايا بالآلاف من قتْلى وجرْحى، معظمُهم من الأطفال والنساء والعجَزة أمام أنظار "المجتمع الدولي" الصّامِت الذي لا يُحرّك ساكناً لإيقاف هذه المَجازِر البشِعة في حقِّ الإنسانيّة، قام قادة الدول العربيّة والإسلامية بعقد اجتماع لِقمة مُشتركة استثنائيّة في الرياض، يوم الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، ومِمّا جاء في قرار القادة "إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجرائم التي يرتكبها 'الاحتلال الاستعماري' في الضفة الغربية، مطالبين بالوقف الفوري للحرب".

كما طالبوا أيضاً مجلس الأمن الدولي "باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان الإسرائيلي، ويكبح جماح سلطة الاحتلال التي تنتهك القانون الدولي"، وكذلك أدانوا "قصف إسرائيل للمستشفيات في قطاع غزة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمياه والطعام والوقود وقطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت". وحمَّل القادة، في البيان الختامي للقمة، إسرائيل مسؤولية استمرار الصراع وتفاقُمه.

وأصدرت القمة، قراراً ختامياً من 31 بنداً لدعم الشعب الفلسطيني، والضغط لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وكسْر الحصار المَضروب على قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، والتمسك بما يُسمّى "حلّ الدولتيْن" ومبادرة السلام العربية باعتبارها مرجعية.

من المُلاحَظ أنّ ما جاء في بُنود قرار القِمّة عبارة عن مجموعة من التّنديدات بِجرائم إسرائيل ورُزمَة من المُطالبات من "المُجتمع الدولي" والمُنظّمات الدوليّة بالعمَل على وقْف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطينيّ.

وللإشارة، فَإنّ القرار تَضمن "كسْر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية"، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها كامِلاً".

هذا القرار يبْدو في ظاهِره صارِماً وحازِماً وجيِّداً، إلّا أنّه يَكتَنِفُه الغُموض لِكوْنِهِ لمْ يتضمَّنِ أيَّة آلية لِتنفيذه في ظل تحكُّم إسرائيل في نوعية كمّية المساعدات المَسموح بدُخولها إلى القطاع، بالإضافة إلى قصفِها المُستمِرّ لكُلّ رُبوع قطاع غزة، مِمّا يستحيل معه إدخال أيّة مُساعدات إلى القطاع.

إقرأ أيضاً: فلتطارد اللعنات حماس إلى يوم الدين

هذه الأوضاع المُزريّة التي يعيشها الشعب الفلسطينيّ من جرّاء العِقاب الجماعي الذي تُمارسُه إسرائيل في حقّه تستَدعي تدخُّلاً فوْريّاً من قِبَل الدول العربية والإسلاميّة من خلال كسر الحصار بالقوّة عنِ الشعب الفلسطينيّ المَسجون في غزة بِلا أدنى مُقوِّمات الحياة، لا ماء ولا كهرباء ولا وَقود ولا غذاء ولا أغطيَة.. إسرائيل لا تعرف المُناشَدات والنداءات والاستِعطافات، هي لا تؤمِن إلّا بالقُوّة، ولذلك وَجَبَ على الدول العربية والإسلاميّة فتح معبر رفح المصريّ، أمام دخول قَوافِل المُساعدات إلى قِطاع غزة بِحمايةٍ من هذه الدول، منذُ دُخولِها من المعبَر حتّى وُصولِها إلى غزة، من أجل إنقاذ الشعب الفلسطينيّ قبل أنْ تَتِمّ إبادتُه بالكامِل من قبل الكيان الصهيونيّ الذي يرى في القَضاء على أهالي غزة هو الحلّ الوحيد لضمان أمْنه واستقراره وترسيخ أركان دولته على أرض فلسطين.

إقرأ أيضاً: طوفان الأقصى أم طوفان سليماني؟

هناك لدى الدول العربيّة والإسلاميّة العديد من الأوراق الضّاغطَة التي تُجبِر أميركا على وقْف هذا العدوان الهمجيّ البَربَري على الشعب في غزة، ولكنّها لمْ تستطِع استخدامها، نَظراً لتعرُّضها، كما يبدو، لِضغوطات من الولايات المُتّحدة الأميركية، ومن بيْن أوراق الضغط المُتاحة لدى الدول العربيّة والإسلاميّة: القطع الفوريّ للعلاقات مع إسرائيل وسحب سُفرائِها من تل أبيب، وفسْخ كلّ الاتفاقيات المُبرَمَة مع الكيان، وأهمّها، اتفاقية "ابراهام"، وكذا منْع تصدير الموادّ النفطيّة لأمريكا والدول الغربيّة...