أصداء

اصرار البعض على تقنين القمع

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


من يعتبرون أنفسهم من الليبراليين العرب يواصلوا جمع التوقيعات على نداءهم الموجه للأمم المتحدة لقمع شعوبهم !!

المثير للدهشة أن الليبراليين يصرون على تجاهل أراء وقناعة الأخرين،بل وحتى لا يحاولون فى الرد عليها،ولعل ما صرح به أحد القائمين على النداء بأن أكثر من 3 آلاف قد وقعوا عليه،وان الموقعين من مختلف الدول العربية،لم يكن دقيقا..لأننى لم أرى ثلاثة آلاف توقيع،ولم أرى أن المثقفين والمفكرين العرب قد شاركوا بالتوقيع،ويقول المثل فى مصر( اللى ما يعرفك يجهلك)ولأقصد فى تعليقى الأساءة لاحد،ولكن من لا شك فيه أنه حينما يدور الحديث عن مشاركة مفكرين أوكتاب اوباحثين فى هذا العمل،فهذا يعنى وجود اسماء محددة(كجزء من مجموع المشاركين)تمنح هذه الورقة ثقل وثقة،لما لهؤلاء من دور فى توعيه العقل العربى،هذا الجزء غير موجود،ولسؤ حظى أن أغلبية الموقعين اخوة أفاضل ليس لى معرفة سابقة بهم،بل ولم تتاح لى الفرصة للتعرف عليهم من خلال كتاباتهم، أما الجزء الأخر الذى أعرفه فهو بالتأكيد لا يوحى بالثقة،ويسيئ للعمل،على كل الأحوال هذا ليس اساسيا،ولا يعتبر الجانب الرئيسى فى موضوعنا،والأساسي فى هذا النداء السئ الصيت محتواه وأهدافه.
يقولون فى مصر بينفخ فى قربة مقطوعة،وهو ما أعتبرنى أغلبية أصدقائى ومعارفى فى الوسط الصحفى المصرى أننى اقوم به،ولكنى لن أتوقف حتى يرجع هؤلاء عما فى عقولهم،لانه لا ينقصنا فى القرن الواحد وعشرين سوى تقننين قمع الرأى وحرية الفكر بناء على طلب البعض!!!! بعد أن فشلت الحكومات العربية منذ منتصف القرن الماضى فى سن قوانين لقمع الرأى الأخر ومصادرة آراء الأخرين.ولايدرك الأخوة الأفاضل أن مواصلتهم هذه الدعوة تثير تساؤلات حول سلامة منطقهم ومصلحتهم المباشرة فى ذلك،أن الدعوة لتشكيل محاكم لمحاكمة وتحريم وتجريم الفكر دعوة لم تقوم بها فى تاريخ البشرية سوى الديكتاتوريات الدموية،والتى كان من ابرزها فى العصر الحديث نظام صدام حسين الدموى،والذى لا يسمح لك بأن تفكر بشكل يختلف(مجرد أختلاف وليس معارضة) مع منهج و سياسة نظامه.
وعلى مدار العصور ومنذ ظهور الأسلام ظهرت أفكار وأتجاهات أسلامية متشددة ومتطرفة وحتى ارهابية،وفى أعماق التاريخ السحقية لم يجرؤ أحد على طرح هذه الفكرة العبقرية فى ديكتاتوريتها وقمعها وهى تشكيل محكمة دولية لتحريم وتجريم الفكر،لان تصفية الفكر الذى يحرض على الأرهاب ياسادة..يا مفكرين..يا مثقفين،لا يمكن أن تتم إلا من خلال تعريته وفضحه وخوض صراع ضده،ولن تتمكن أجدع محكمة..واجدع بوش..واتخن رامسفيلد من القضاء على الفكر الذى يحرض على الأرهاب والأرهابيين،السبيل الوحيد هو خوض صراع ضده لفضحه وتعريته،كما أن الصراع هو السبيل لاثبات صحة ومصداقية أية رؤية فكرية ومدى تعاملها مع الواقع،وما اقوله ليس أخترع الذرة وانما هو السبيل الذى كان يوفر للأفكار المختلفة البقاء فى ذاكرة البشرية،واعتمادها أحيانا كأسلوب للحياة.وللأسف ما أدعو له والذى يعتبر أ – ب لا يعرفه القائمون على النداء السئ الصيت.
المهزلة الحقيقية فى النداء السئ الصيت أن السادة الأفاضل القائمين عليه يتجاهلون بتعمد واضح الدوافع الحقيقية للأرهاب،والتى لا يمكن أن تكون مجموعة فتاوى يصدرها القرضاوى أو بن لادن،وانما فى القدرة على أيصال هذه الفتاوى للعقول التى تتقبلها،وتوفير القدرات المالية للقوى الأرهابية لتنظم صفوفها،أن الأرهاب ليس ظاهرة لقيطة مستقلة بذاتها،منذ نشآة الأخوان المسلمين فى مصر وصلاتهم المشبوهة بالمخابرات البريطانية والقصر،وحتى يومنا سنجد أن الحركات المتطرفة والتى تعتمد الأرهاب كأسلوب لعملها السياسى،هى بالدرجة الأولى تعمل لحساب أجهزة أمنية او قوة عالمية،وتحركات هذه القوى المتطرفة تخدم مصالح من تعمل لحسابهم،ولا يمكن أن يغيب عن أذهان من يعتبرون أنفسهم من ليبراليين العرب أن بدايات بن لادن كانت فى أفغانستان عندما كان يقوم بتوريد الأسلحة والمعدات العسكرية للمعارضة الأفغانية،وذلك بتعليمات من المخابرات الأمريكية التى كانت تقوم بدعم الحركات الأفغانية المعارضة للآحتلال السوفيتى!ويعلم السادة الأفاضل أيضا..أن الحركات الدينية المتشددة فى مصر قد عادت للظهور فى السبعينات من القرن الماضى بدعم مباشر من السادات لتواجه التيار الناصرى واليسارى الذى كان يعارض سياسات السادات،ويعلم الأخوة القائمون على النداء السئ الصيت أن مدينة آخين فى ألمانيا قد تحولت إلى مستعمرة للمجموعات الدينية المتشددة السورية،كانت هذه الجماعات تنفذ عمليات تفجير فى أدارة التجنيد العامة (والتى لايوجد فيها عادة آية قيادات عسكرية ذات أهمية)وبعض المجمعات الأستهلاكية(أى محلات بقالة للفقراء)فى وقت كانت سوريا تأخذ مواقف تضر بسياسة واشنطن وتل أبيب،بعبارة أخرى ما يتحدث عنه الباحثون من أفكار تحرض على الأرهاب،ما هى إلا جزء منظومة أطلقتها المخابرات الأمريكية فى منتصف القرن الماضى،واليوم انقلب السحر على الساحر(والله أعلم) فقامت هذه الجماعات بأحداث سبتمبر الدامية،واغتالوا السادات،..الخ،ومرة أخرى تحاول بعض أجهزة الأستفادة من الوضع الراهن (كما استفادت الأدارة الأمريكية من احداث سبتمبر وأعادت توزيع ميزان القوى،وقامت بنشر قواتها فى وسط آسيا وفى أفغانستان وفى العراق).
لماذا يطلق السادة الكرام هذه الدعوة اليوم !!!!!؟؟؟؟؟ مئة تعجب و استفهام،
= لماذا لم يطلق هؤلاء السادة دعوتهم عندما كانت الجماعات الدينية المتطرفة تقوم بتفجير أدارة التجنيد والجمعيات الأستهلاكية فى سوريا وتقتل مئات المدنيين الآبرياء؟؟
= لماذا لم يطلق هؤلاء السادة دعوتهم عندما قتل المتشددون السائحين أمام المتحف المصرى وفى الأقصر وفى فندق أوروبا بالقاهرة ؟؟؟
= لماذا لم يطلق هؤلاء السادة دعوتهم عندما كان المتطرفون يقتلون المسحيين ويخطفون بناتهم لاجبارهم على الزواج فى بعض مناطق مصر الجنوبية؟؟؟؟
= لماذا لم يطلق هؤلاء السادة دعوتهم عندما بدأ المتشددون فى مذابحهم الدموية فى الجزائر ؟؟؟
= لماذا لم يطلق هؤلاء السادة دعوتهم عندما بدأ الأرهابيون فى تفجير و قتل المدنيين فى السعودية؟؟؟
لان السادة على مايبدو غير معنيين بهذه الأحداث،ولان الهدف من الدعوة سيئة الصيت هو اقامة محاكم تفتيش لقمع حرية الرأى والفكر،ولانهم فشلوا فى فضح وتعرية الفكر المتطرف،ويخجلون من الأعتراف بعجزهم،امام النخبة الحاكمة،فها هم يبحثون عن مخرج.
مهزلة نداء من يعتبرون أنفسهم من الليبراليين العرب تكمن فى أنهم يقترحون على كل مثقف أن يتحول إلى مخبر اوضابط شرطة يفتش فى أفكار الأخرين عن الأفكار التى تحرض على الأرهاب لا بهدف محاربتها،وفضحها واسقاطها،وانما حتى يقدم بلاغ للسادة الأمريكيين لكى يتم تحويل البلاغ للمحكمة واعتقال واحضار المجرمين،ولا يطرح المفكرون حتى معايير لاعتبار هذه الفكرة او تلك تنتمى لقطيع الأرهاب،ويصبح لزاما علينا أن نعيد النظر فى تاريخ شعوبنا ليصبح بذلك أدهم الشرقاوى مجرم،ويتحول أحمد عبد العزيز الذى قاد كتائب الفدائيين إلى فلسطين من بطل إلى أرهابى،...الخ،بل وتتحول مرحلة نضال الشعوب العربية من أجل التحرر مجرد مرحلة شهدت تنامى للأعمال الأرهابية.
أن أحياء منهج صدام حسين فى القمع والتزوير عبر من نداء من يعتبرون أنفسهم من الليبراليين العرب أمر يستحق المواجهة والادانة،لقد وصل العالم إلى القمر وأصبح قرية صغيرة بفضل تطور تقنيات الأتصالات،ونحن مازلنا كالقطيع نبحث عن الديكتاتور الذى سيقول لنا ما هو الصح وماهو الخطأ،وبل و نطلب منه أن يعاقب من يرتكب هذا الخطأ، انها حقا مهزلة.

مازن عباس – صحفى مصرى مقيم فى موسكو 6-11-2004

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف