الأسلحة القذرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رغم قذارة أسلحة الدمار الشامل ووحشيتها ورغم ماتخلفه من دمار وموت إلا أن هناك أسلحة أكثر قذارة منها، أسلحة أكثر فتكاً من اليورانيوم المنضب أو غاز الخردل. هذا السلاح من الخطورة بمكان بحيث أنه قد يبيد شعوباً عن بكرة أبيها.
أقذر هذه الأسلحة وأشدها فتكاً وتدميراً هو سلاح الدين. به أبيدت أمم وأفنيت شعوب واستبيحت أوطان. ولطالما استخدم هذا السلاح أبشع استخدام وارتكبت به أفظع الانتهاكات لحقوق الانسان. المقابر الجماعية كثيراً ما ارتكبت به. وهنا يجب أن نفرق بين دين يأتي رحمة حاملاً معه تباشير الخير والسعادة وبين دين يحمل بين ثناياه الموت والدمار شتان بين موسى عليه السلام ودينه الذي انتشل الناس من العبودية إلى رحاب الحرية وبين اسرائيل التي بدينها ارتكبت أبشع أنواع الإبادات الجماعية. شتان بين مسيحية المسيح عليه السلام وبين صليبية فريدرك قلب الأسد. شتان بين المسيح الرحيم وبين مايرتكب من جرائم باسم الدفاع عن الصليب المقدس. وشتان بين إسلام محمد بن عبد الله (ص) الذي بعث رحمة للعالمين، وبين إسلام طالبان والقاعدة.
لطالما وظفت أسلحة الدمار الشامل كأدوات في يد مافيات الدين والمتكسبين منه والمتاجرين به. ولطالما عزف هؤلاء المتسلحون بهذا السلاح (الدين) العزف على وتر الهوية الدينية واحتكارها لأنفسهم خالصة دون الآخرين. فهم الفئة الناجية، محور الخير، شعب الله المختار، فسطاط الله عز وجل. أما غيرهم فالفئة الضالة، محور الشر، العبيد والخدم والأقل منزلةً منهم، فسطاط الشيطان الرجيم.
والأخطر من ذلك أن هذه الأسلحة كثيراً ما تتجاوز استخداماتها ضد دائرة العدو بل أنها تتعداها لتلتهم مستخدميها. وهنا تكون أكثر قذارةً وأشد فتكاً. وخير مثال على ذلك الوضع في ايرلندا بين البروتستانت والكاثوليك. أو كما هو الحال في أفغانستان وما تشهده بين السنة والشيعة. وكما كان حال الفصائل الأفغانية المتناحرة. وكما هو حال الجزائر. وأخيراً كما هو الحال في العربية السعودية.
لقد تخطى هذا السلاح حدود العدو الكافر والضال والمبتدع والمرتد والزنديق لتلتهم المتدينين فيما بينهم والحالة السعودية خير مثال على ذلك. وماحدث من حروب مسيحية مسيحية في أوروبا باسم الدين والدفاع عن الصليب المقدس. وكذلك ماحدث من حروب ومجازر على مر التاريخ الإسلامي وأقصد بها هنا الصراعات الإسلامية الإسلامية والتي حملت فيها الأطراف المتطاحنة شعار العزة للإسلام والحفاظ على بيضة الإسلام، في الوقت الذي يفني فيه المسلمون بعضهم بعضاً.
اليهود أيضا استخدموا هذا السلاح ولكن بصورة أبشع لاقترانه بسلاح قذر آخر وهو العنصرية والنزعة الشوفينية فهم كما يزعمون شعب الله المختار ولذلك ارتكبت أبشع الجرائم في حق الإنسانية لينعم شعب الله بالرفاه والنعيم.
الشيوعية وما ارتكبته في حق اتباع الأديان في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وكذلك في الصين. قرى ومدن مسحت من الخارطة لا لشيء سوى أنها تتبع دين يعتقد الشيوعيون بأنه أفيون للشعوب فلم يكتفي الشيوعيون بالقضاء على الأفيون بل قاموا باجتثاث الشعوب ذاتها.
سلاح العنصرية لايقل قذارة عن سابقه. كلنا يعرف ما عاناه السود في جنوب أفريقيا. الألوف من السود ذبحوا على يد الأبيض الذي يرى نفسه فوق الجميع وهو من يستحق الحياة دون غيره. وكلنا يعرف ما فعله أصحاب أكذوبة الدم الأزرق والنبلاء. وليس ببعيد ماجرته ألمانيا النازية على العالم من دمار. ما عاناه الأرمن على يد الأتراك وما عاناه الأكراد على يد البعثيين بل وما عاناه العرب من قبل على يد الأتراك. والكثير الكثير من الجرائم البشعة في حق الإنسانية كان هذا السلاح هو المستخدم فيها.
وتبقى هذه الأسلحة القذرة في يد الإنسان ضد نظيره الإنسان يزيدها فتكاً وضراوةً اقترانها بالجهل والفقر والمرض.
مشاري محمد – كاتب وأكاديمي سعودي