هل للكرد الحق.. بالفيدرالية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هل الأخوة الكرد على حق في مطالبتهم بالفيدرالية أم انهم يحاولون تحقيق مكاسب اقليمية في المنطقة التي يسكنوها في كردستان العراق؟ وهل استوعب العراقيون خيار الفيدرالية المقرون ( بالديمقراطية والتعددية) بعد الخلاص من النظام
الدكتاتوري الشمولي؟ هذين السؤالين يتوجب الجواب عليهما بدقة وتأني لوجود عدم وضوح في رؤية البعض من أبناء شعبنا العراقي في هذه الأمور.
لقد طرح الأخوة الكرد طريقة الحكم ( الفيدرالي) للعراق عام 1991، بل وطبقتها الأحزاب الكردية بشكل واضح، من نواحي كثيرة ومتشعبة، بدأت بتشكيل البرلمان الكردستاني وطريقة الإنتخاب الديمقراطي ونجحت في ذلك، خاصة في استقطاب اغلب القوى السياسية والقومية وأثنيات المنطقة، اضافة إلى ما شهدته وتشهده منطقة كردستان من نهظة في كل المجالات الثقافية والعمرانية والعلمية وغيرها. لهذا وبعد نجاح التجربة أصبحت ( الفيدرالية ) مطلبا بل حياة ً للكرد الذين عانوا ( مثل بقية قوميات الشعب العراقي ) إن لم يكن أكثر، من الظلم والحيف والتسلط،
وما جره ذلك من خسائر في الأرواح والزمن والتطور.
قد يعتقد البعض أو يحس بأن الفيدرالية بالنسبة للكرد هي هدف قومي متفرد، لكنه وبعد ان عاش العراقيون عقودا من الزمن تحت حكم الأفراد، والأنظمة الشمولية، سيجد أن الفيدرالية هي أمر مهم وهدف استراتيجي للشعب العراقي بكل قومياته
وطوائفه وأديانه ومذاهبه، فجميع العراقيين يتوقون لممارسة ديمقراطية حقيقية حُرموا منها طيلة العقود الماضية، وما استطلاعات الرأي التي تشير إلى تفوق كبير للذين يريدون اجراء الإنتخابات القادمة في موعدها المثبت، إلا دليل على
عطش العراقيين لرشفة من الديمقراطية الحقيقية، هذه الرشفة ( الحلم) سوف تعزز لا محالة الوحدة الوطنية العراقية بين القوميات والأديان والمذاهب والأطياف التي تكون المجتمع العراقي كله.
صحيح ان غالبية الكيانات القومية والدينية العراقية قد عانت من ظلم الحكام المستبدين، وخاصة حكم الدكتاتور صدام حسين، لكن الكرد كانوا الأكثر معاناة على مدى القرن العشرين الذي مضى، أو قل منذ الآثار الرهيبة التي سببتها بنود
معاهدة ( سايكس – بيكو) سيئة الصيت، والتي فرقت الشعب الكردي وشتته أقساما في دول عدة. ليس هذا فحسب بل ان هناك من يعتقد بأن هناك حساسية مفرطة ما بين الشعبين الكردي والعربي، أوالكردي و التركماني أو الكلدآشوري أو الأيزيدي أو الصابئي، لكنه واهم ٌ، لأنه ان وجدت حساسية أو اختلاف فذلك يوجد ما بين التكوينات السياسية، وهو دليل قوة وتفاعل، لكن الخلافات بسيطة أو تكاد تكون معدومة بين القوميات ( الشعوب)، اللهم إلا ما أججه ويؤججه الحكام والأنظمة
التي تريد القبض على زمام الأمور لوحدها باتباع نظرية ( فرق تسد) المعروفة.
اذن.. فما يطالب به الكرد في تطبيق الحكم الفيدرالي هو أول حقوقهم التي يجب أن يحصلوا عليها، لأنه شعب له لغته وتاريخه وثقافته المشتركة، ثم أن له الأرض التي يعيش عليها، وهي جزء من شراكته مع بقية القوميات العراقية، التي لها نفس الحق في الحصول على كل حقوقها، فقد شبعت هذه القوميات من الوعود المليئة بالأكاذيب في منح الحقوق القومية والثقافية ووو.
الأمر الثاني هو استيعاب العراقيين للفيدرالية، فنفسية العراقي ومزاجه وطريقة تفكيره وسلوكيته الحياتية وطريقة معيشته ( تربت) على الإنصهار داخل مركزية الدولة، واحادية القرار، وعدم اعطاء المقابل فرصة لطرح رأيه، وسبب كل هذا هو
استراتيجيات الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق، حتى أن بعض العراقيين حتى الآن يبحثون عن مخرج لتنفيذ شعار ( وحدة وحدة عربية..)، هؤلاء الذين تشبعوا بثقافة الإندماج والوحدة ) بين أقطار الوطن الواحد، والذين ما زالوا في حواراتهم وكتاباتهم يستصرخون ( التاريخ المشترك واللغة الواحدة والدم الذي يسير في العروق والروابط المشتركة ووو) رغم وجود التباعدات الملموسة التي اوجدها الحكام ، فكيف يمكن لهؤلاء فهم ( الفيدرالية) ما لم يزرقون أمصالا مدروسة تحوي عقاقيرا عن الوحدة الوطنية العراقية، وفهم الآخر وقبوله، والإبتعاد عن العنف في التعامل، والغاء الرأي المضاد، ووو.
ان أبسط تفسير للفيدرالية هو انها عملية توافق بين وحدات سياسية على امتلاك كل منها سيادة المنطقة الاقليمية والسياسية. مما يعطيها ميزات الاستقلال الذاتي في الوقت الذي تشارك فيه بتكوين وادارة السيادة العامة للدولة الواحدة،
والفيدرالية تقدم للشعوب المنضوية تحت لواء مركزية الدولة حقها في تقرير مصيرها بنفسها مع احترام السيادة والوحدة الوطنية، لان الفيدرالية بقدر ماتعطي للشعوب حقوقها في حكم ذاتها وادارة الشؤون الخاصة بها والحق في المشاركة العامة للدولة ، لا تجيز الإنفصال عنها.
أما الذين يرفضون الفيدرالية فان على الشعب العراقي بكل ألوانه أن يرفضهم ويبتعد عنهم وعن افكارهم، وكما يقول الأخ الكاتب ( احمد رجب):توجد فئات لا تحب العيش مع الكرد، بل وتطالب بالإبتعاد عنهم قدر المستطاع، وفي هذه الحالة
على الكرد ترك أولئك الناس وشأنهم لكي ينظموا أمورهم بأنفسهم، وعلينا نحن الكرد أن نرفض سخاءهم الذي يتمثل في الحكم الذاتي.
لهذا تبقى الحاجة ماسة للتثقيف بهذا المبدأ الديمقراطي الذي ينفع ليس فقط الكرد ، بل جميع الأطياف العراقية المتآخية فوق خارطة الوطن الواحد.. العراق.
ماجد عزيزة - تورونتو