أصداء

التحزب الديني في مصر والعالم العربي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لقد أثارت قضية أبو المطامير عندما اختفت زوجة قس من منزلها لغطا كبيرا في مصر وتسببت في وقوع مظاهرات بين الاخوة الاقباط و ضاعت الحقيقة حتي الآن هل اختفت هذه الزوجة بمحض ارادتها هربا مع حبيب مسلم أم أجبرت علي ذلك .. وتحزبت كل طائفة فقال المسلمون أنها اسلمت بمحض ارادتها لتلحق بحبيبها المسلم وقال الاخوة الاقباط في مظاهرتهم أنها أجبر علي ذلك .. ولكن مهما كانت الحقيقة فهذه القضية تفتح الباب لتساؤلات عديدة يجب أن يناقشها المجتمع بشفافية وتقوم الدولة بالاجابة علي بعض الاسئلة و أعلانها حتي لاتكون مثل هذه القضايا سببا في اشتعال فتنة بين المواطنين المصريين بصرف النظر عن أن كانوا مسلمين أو مسيحيين .
القضية الاولي هي الحريات الدينية في مصر بصفة خاصة وباقي الدول العربية بصفة عامة .. والحرية الدينية كما هي معرفة في العالم أجمع الآن الا منطقتنا بجميع دياناتها وطوائفها , هي حرية الانسان أن يقتنع بما يشاء من عقيدة أو دين وحقه أن يقيم شعائر هذا الدين بحرية وعلانية وحقه أن يدعو لعقيدته بحرية طالما كان يفعل ذلك بطريقة سلمية والاهم حريته أن يغير ديانته أو عقيدته دون أن يكون ذلك سببا في تهديده أو نبذه من المجتمع .
فهل نحن في بلادنا نفهم معني الحرية الدينية بهذا المعني سواء علي الجانب المسلم أم المسيحي .. أو حتي داخل كل ديانه لانفهم الحرية الدينية كما يجب ويتحزب كل مذهب ضد المذهب الآخر .. يتحزب السنة والشيعة في مواجهة الآخر .. ويتحزب الارثوزوكس والبرتستانت والكاثوليك كل مع طائفته ضد الطوائف الاخري .. ويتحزب اتباع كل دين ضد الاديان الاخري .
لقد فهم الغرب معني الحرية الدينية المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي وافقت عليه كل دول العالم ومن ضمنها دول الشرق العربي منذ أكثر من نصف قرن .. وطبقت معناه في مجتمعاتها فاراحت واستراحت ولكننا مازلنا نعتبر هذا الاعلان مجرد قصاصة ورق لا تستحق الاحترام ولذلك ستظل قضية الحريات الدينية مثار احتكاك بيننا وبين دول العالم ونعتبر أثارتها في عالمنا هي تدخل في شئوننا الداخلية رغم أنها وبنص مواثيق الامم المتحدة التي وافقنا عليها والتي قبلت عضويتنا فيها بناء علي موافقتنا ليست ابدا شأنا داخليا .. بل هي شأنا أنسانيا عاما ومن حق المجتمع الدولي أن يتدخل لحماية الحرية الدينية في أي دولة .
ولو أخذنا قضية أبو المطامير كمدخل للنقاش في هذه القضية لوجدنا الحقائق التالية :
أن كانت زوجة القس غيرت ديانتها و اشهرت اسلامها بمحض ارادتها فهذا حقها الانساني بصرف النظر عن دوافعها في فعل ذلك .. ولكن هربها مع عشيق مسلم هو شيئ لا يستحق الفخر به من جانب المسلمين والدفاع عنها ..وهي كزوجة عليها التزامات قانونية نحو زوجها و أولادها .. والقانون يجب أن يعتبر زواجها ممن هربت معه أن حدث هو زواج باطل وخيانة زوجية أن كان حدث قبل أنهاء زواجها الاول .. أن كان تغيير ديانة زوجة القس قد حدث لتستطيع الهرب مع عشيقها المسلم فهو شيء مخجل لها ولعشيقها المسلم ولكل من يشجعها علي ذلك .. وكان اولي بها أن تعلن اسلامها بشجاعة وتطلب الطلاق من زوجها المسيحي بناء علي ذلك وعندما تحصل علي الطلاق تستطيع أن تفعل ما تشاء ..
وفي نفس الوقت ان كانت تحولت الي الاسلام بمحض ارادتها بصرف النظر عن دوافعها ..فموقف الاخوة الاقباط مبالغ فيه .. فهل يضير المسيحية في شيء وهل يقلل من شأنها أن تتحول امرأة أو حتي عدة نساء عنها الي الاسلام لاغراض دنيوية بحته .. او حتي تحول بعض اتباعها الي دين آخر حتي لو كان هذا عن اقتناع ..
أما أن كان تحولها نتيجة لضغط و أكراه فهو عمل خاطيء من جانب من قام بذلك و هنا يجب أن تتدخل الدولة بحيادية تامة وتحقق في الموضوع وتعلن نتائج التحقيق بشفافية تامة بعيدا عن مجاملة هذا الطرف أو ذاك .
أما ان كانت الزوجة قد تزوجت صديقها المسلم قبل أنهاء ارتباطها بزوجها الاول سواء برضاها او تحت ضغط فهو عمل غير قانوني و غير أخلاقي ويجب أن يعاقب كل من شارك فيه , الزوجة وصديقها ومن شجعهما ومن زوجهما .. وأن كانت القوانين الحالية قاصرة عن علاج مثل هذا الوضع فيجب سد ثغرات القانون .
أن الزواج في اي دين وحتي مدنيا هو عقد بين طرفين ولا تستطيع زوجة ان تبدأ عقدا جديدا قبل أن تفسخ العقد الاول قانونيا والا أصبحت متهمة بتعدد الازواج وهي جريمة في كل الاديان والقوانين الوضعية .
ونفس الشيء ينطبق علي الجانب المسلم .. اني أسال المسلمين جميعا هل ينتقص الاسلام شيئا أو يقلل من قيمته كدين سماوي عظيم أن يتحول بعض اتباعه الي ديانة أخري .. وهل يزيد من قيمته أن تتحول له امرأة تريد الفرار من زوجها المسيحي لتلحق بعشيقها المسلم .. أن التحزب الديني بسبب قضية مثل قضية زوجة القس هو في الحقيقة وصمة عار لجميع من يعتبرونها قضية دينية .. أنها قضية أخلاقية و قانونية في المقام الاول .. ويجب أن يكون التحقيق فيها هو من هذا المنطلق .. ويجب اعلان نتائج التحقيق بشفافية تامة ودون مجاملة أي طرف ..
ان اتباع اي دين يعرفون تماما ان من أهم واجباتهم كمتدينين هو الدعوة لدينهم ومحاولة كسب اتباع جدد لايمانهم أن هذا سيزيد من رضاء الله عنهم .. يعرف هذه الحقيقة المسلمون والمسيحيون بل واتباع الديانات الغير سماوية .. وهي حقيقة لا يجب ان تغضب أحدا طالما تتم الدعوة بطريقة سلمية ودون أكراه .. ولكننا نجد رغم ذلك ان أتباع كل دين يكيلون بمكيالين .. يعطون لانفسهم الحق للدعوة لدينهم ويحرمون الآخرين من نفس الحق .. يقيم المسلمون مراكز الدعوة في كل مكان في العالم ويهيجون ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها أن قامت بعض الكنائس بالتبشير في العالم الاسلامي.. ونفس الشيء ولو بدرجة أقل يحدث مع اتباع الكنائس الشرقية أن هم اكتشفوا أن المسلمين يحاولون الدعوة بين اتباع هذه الكنائس .
ان الحقيقة التي لا نستطيع أن نفهمها أن القانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة الخاصة بحقوق الانسان تعطي الحق لاتباع كل دين في الدعوة لدينهم طالما كانوا يقومون بذلك دون أكراه أو ضعظ أو استعمال العنف أو التحريض عليه .. ونحن كمسلمين أكثر المستفيدين من هذه القوانين .. ولكننا كشعوب شرقية نصر دائما علي الكيل بمكيالين ونعطي لأنفسنا الحق الذي نحرم منه الآخرين.
لقد آن الاوان يا سادة في كل دولنا أن تفهم الشعوب بجميع طوائفها و أديانها أن الحرية الدينية هي قانون عالمي يجب احترامه وأن عدم احترام هذه الحرية لم يصبح شأنا داخليا لأي دولة بل شانا انسانيا قد يجعل المجتمع الولي يتدخل لفرضها علي اي مجتمع لا يحترمها .. أما أن لم نعترف بهذه الحقيقة فأولي بنا أن ننسحب من المنظمات الدولية وننكفيء علي أنفسنا ونمارس كل أنواع القهر الانساني من خلال كل مؤسساتنا الدينية سواء كانت مسلمة أو مسيحية ومن خلال حكوماتنا التي تعشق قهر شعوبها بصرف النظر عن ديانة هذه الشعوب

jakoushamr@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف